فمن يريد أن يشكر ويأبى الفعل الشائن عليه أن يوغل في البعد ويقارع الأبطال من جهينة في بواديهم بغرب وشرق السودان، فإما أن يأتي بمال يفرح الحبيبة التي تنتظر عودته (نبسط الراجينا) أو أن ذات الشعر الغزير الطويل (أم روبة) تحد عليه لمدة حولين؛ فلا تضفر شعرها ضفائر ناعمة وإنما تضفره ضفائر غليظة (كوفات) ولا تطيبه لمدة عامين.
وهم وراء الإبل الأصيلة أينما كانت، يقول طه ودأب زيد:
أبوك يا الزينة عكاهن قبض في روسن،
الهوج والشرق فوق العواتي بكوسن.
يقول لابنته (الزينة) إن أباك كم استولى على الإبل وقادها، وإنه يجوب الغرب (الهوج) والشرق بحثا عنهن (بكوسن).
حق الجار: إن مراعاة حق الجار من أبرز القيم العربية وأرسخها جذورا؛ إذ هي متأصلة في طباعهم منذ جاهليتهم، وهي من أوجب واجبات الهمباتي؛ فالهمباتة يبعدون عن مضاربهم وجيرانهم ويتوغلون في البعد رعاية لحق الجار.
ببعد ردي ما بتدبي أخون الجار،
وبحرت كفي في اليوم أب لطاما حار.
فهو يبعد من جيرانه ولا يدب متلصصا ويخون جاره، وإنما «يحرت كفه» في اليوم الحار اللطام حتى تخلص له الإبل.
الشجاعة: إن الهمباتة هم رجال صناديد يتمتعون بصفات نفسية وجسدية تهيئهم لهذه الحياة الخطرة التي يجابهون فيها الموت والمخاطر والأهوال والصعاب، ويتميزون بقدرة فائقة على تحمل المشاق، ذلك أن الشجاعة هي أوضح سمات الهمباتي؛ لأن طبيعة الهمبتة تجعله في حالة خطر دائم من جراء نهب الإبل؛ حيث إن أصحاب الإبل المنهوبة «يفزعونها» سعيا لإرجاعها ويطاردون الهمباتة وتقع بينهم معارك بالأسلحة التقليدية والنارية، يقول ود ضحوية:
ناپیژندل شوی مخ