د مرتد کتاب
كتاب الردة
ایډیټر
يحيى الجبوري
خپرندوی
دار الغرب الإسلامي
شمېره چاپونه
الأولى
د چاپ کال
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
د خپرونکي ځای
بيروت
فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ مَعَ قَبَائِلِ كِنْدَةَ، فَقَالَ: صَنَعْتُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ قَوْمًا لَهُمْ أَقْدَارٌ وَأَخْطَارٌ صُبْرٌ عَلَى الْمَوْتِ فَلَمْ أَزَلْ أُحَارِبُهُمْ حَتَّى عَلِمْتُ أَنَّ انْتِصَافَهُمْ مِنِّي أَكْثَرُ مِنَ انْتِصَافِي مِنْهُمْ، وَأَتَانِي كِتَابُكَ بِخَبَرِ الأَشْعَثِ أَنَّهُ بَعَثَ إِلَيْكَ يَسْأَلُكَ الأَمَانَ، فَكَفَفْتُ عَنْ حَرْبِ الْقَوْمِ وَانْصَرَفْتُ إِلَيْكُمْ.
فَقَالَ زِيَادٌ: لا وَاللَّهِ، وَلَكِنَّكَ جَبُنْتَ وَضَعُفْتَ وَكَفَفْتَ عَنِ الْحَرْبِ، أَلَمْ آمُرْكَ أَنْ تَضَعَ سَيْفَكَ فِيهِمْ، ثُمَّ لا تَرْفَعْهُ عَنْهُمْ وَفِيهِمْ عَيْنٌ تَطْرُفُ، فَعَصَيْتَنِي وَأَحْبَبْتَ الْعَافِيَةَ، وَانْصَرَفْتَ إِلَيَّ بِأَصْحَابِكَ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَفُوتَكَ الْغَنِيمَةُ، قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّكَ شُجَاعُ الْقَلْبِ بَعْدَ هَذَا. فَغَضِبَ عِكْرِمَةُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا زِيَادُ، إِنْ لَقِيتَهُمْ وَقَدْ أَزْمَعُوا عَلَى حَرْبِكَ لَرَأَيْتَ أُسُودًا تَحْمِي أَشْبَالا وَتُكَافِحُ أَبْطَالا، ذَاتَ أَنْيَابٍ حِدَادٍ وَمَخَالِيبَ شِدَادٍ، لَتَمَنَّيْتَ أَنَّهُمْ يَنْصَرِفُونَ عَنْكَ وَيُخَلُّونَكَ، وَبَعْدُ فَإِنَّكَ أَظْلَمُ وَأَغْشَمُ وَأَجْبَنُ قَلْبًا، وَأَشَحُّ نَفْسًا، وَأَيْبَسُ كَفًّا، إِذْ قَاتَلْتَ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ، وَأَنْشَبْتَ هَذِهِ الْحَرْبَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ بِسَبَبِ نَاقَةٍ وَاحِدَةٍ، لا أَقَلَّ وَلا أَكْثَرَ، وَلَوْ لَمْ أُعِنْكَ بِجُنُودِي هَؤُلاءِ لَعَلِمْتَ أَنَّكَ تَكُونُ رَهِينَ سُيُوفِهِمْ، وَأَسِيرَ جَوَامِعِهِمْ. ثُمَّ أَنْشَأَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ:
(مِنَ الْكَامِلِ)
١- مَا كُنْتُ بِالرُّعْشِ الْكِهَامِ وَإِنَّنِي ... قِدْمًا غَدَاةَ الرَّوْعِ غَيْرُ نَكُوصِ
٢- قَتْلُ الْكُمَاةِ إذا الحروب تسعّرت ... بالمرهفات لذي حَذْرُ [١] رَخِيصِ
٣- لاقَيْتَ قَوْمًا أَفْزَعُوكَ بِوَقْعِهِمْ ... حَتَّى اتَّسَعْتَ وَقُلْتَ أَيْنَ مَحِيصِي
٤- لَوْ لَمْ أُعِنْكَ لَكُنْتَ رَهْنَ سُيُوفِهِمْ ... تُغْرِي الْخَوَامِعُ مِنْكَ كُلَّ قَلُوصِ [٢]
قَالَ: ثُمَّ نَادَى عِكْرِمَةُ فِي أَصْحَابِهِ وَهَمَّ بِالرَّحِيلِ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ زِيَادٌ مِمَّا تَكَلَّمَ به، فقبل عكرمة عذره.
[١] في الأصل: (لذي حد) .
[٢] في الأصل: (تغري الجوامع) .
الخوامع: الضباع، جمع خامعة.
1 / 209