ريچارد فاینمن: د علم په ژوند کې

محمد ابراهیم جندی d. 1450 AH
94

ريچارد فاینمن: د علم په ژوند کې

ريتشارد فاينمان: حياته في العلم

ژانرونه

من خلال خبراته، صار فاينمان معتادا ومتآلفا بشدة مع التفاصيل الدقيقة لعمل الكمبيوتر، وكيفية تحليل المشكلات إلى أجزاء صغيرة بحيث يتمكن من حلها (على نحو يحول الكمبيوتر إلى «كاتب ملفات» كفء، حسبما أطلق عليه)، والأكثر طرافة من ذلك أنه كان يحدد المشكلات التي يمكن حلها في وقت معقول وتلك التي لا يمكن حلها. وعادت كل تلك الأمور عليه بالفائدة من جديد عندما شرع في التفكير في عملية التصغير التي أراد القيام بها. إلى أي مدى يمكن تصغير أجهزة الكمبيوتر؟ ما التحديات التي ستواجهه، وما المكاسب التي ستعود عليه، سواء في استهلاك الطاقة أو في القدرة على الحساب، لو أمكن استخدام أجهزة أصغر حجما وأكثر تعقيدا وذات عناصر أكثر؟ وعلى حد قوله عام 1959، مقارنا بين عقله وأجهزة الكمبيوتر الموجودة آنذاك:

عدد العناصر داخل هذا الصندوق العظمي الذي لدي المسمى بالمخ يفوق كثيرا جدا عدد العناصر الموجودة بحاسباتنا «الرائعة». غير أن حاسباتنا الميكانيكية هائلة الحجم، أما العناصر التي في هذا الصندوق فإنها مجهرية الحجم. وأنا أريد أن أصنع شيئا دون مجهري ... ولو أردنا أن نصنع جهاز كمبيوتر له كل تلك القدرات النوعية الإضافية الرائعة، فإننا قد نحتاج لتصنيعه ليكون بحجم مبنى البنتاجون مثلا. ولهذا الأمر عدة عيوب؛ أولها: أنه يحتاج حينئذ إلى قدر هائل جدا من المواد، وقد لا تتوافر بالعالم كمية كافية من عنصر «الجرمانيوم» لصنع كل الترانزستورات التي يجب وضعها بداخل هذا الشيء الهائل. وهناك أيضا مشكلة توليد الحرارة واستهلاك الطاقة ... غير أنه توجد صعوبة عملية أكبر حجما من كل ما سبق وهي أن هذا الحاسب سوف يكون محدودا بسرعة معينة. ونظرا لضخامة حجمه، فلا بد أن يكون هناك وقت محدد مطلوب لنقل المعلومات من مكان إلى آخر. ولن تتمكن تلك المعلومات من الحركة بسرعة أكبر من سرعة الضوء؛ لذا، في نهاية المطاف، عندما تصبح حاسباتنا أسرع وأكثر إتقانا، سوف نتمكن من تصغيرها أكثر.

وعلى الرغم من أن فاينمان حدد في محاضرة عام 1959 التحديات والفرص السانحة التي أدت إلى الكثير والكثير من التطورات بعد ذلك، فإن هذه المسألة الأخيرة كانت الوحيدة التي عاد إليها بجدية بالتفصيل، وفي اتجاهات مدهشة جمعت عددا من الاحتمالات المتنوعة التي ذكرها في حديثه. ومع ذلك استغرق الأمر منه أكثر من عشرين عاما للقيام به. وكان من أسباب تحفزه للعودة إلى ذلك الموضوع اهتمامه بابنه، كارل. ففي أواخر السبعينيات التحق كارل بالكلية، الكلية التي تخرج منها فاينمان، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وكم كانت سعادة فاينمان عندما حول الابن مساره الدراسي من الفلسفة إلى علوم الكمبيوتر. واهتم فاينمان بإعمال المزيد من الفكر في الميدان الذي صار مجال عمل ولده. ثم قدم كارل إلى مارفن مينسكي، الأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي كان سبق أن التقاه في كاليفورنيا، فعرف مينسكي كارل إلى واحد من طلاب السنة النهائية الذي كان يقطن ببدروم منزله واسمه داني هيليس. كانت لدى هيليس فكرة مجنونة وهي إنشاء شركة تقوم ببناء جهاز كمبيوتر عملاق به مليون وحدة معالجة مستقلة تحسب على التوازي ويتصل بعضها ببعض من خلال منظومة توصيل معقدة. وعرف كارل أبيه بهيليس، والحقيقة أنه أشار على هيليس بزيارة والده عندما كان، أي هيليس، في رحلة إلى كاليفورنيا. ولدهشة هيليس العظيمة، قاد فاينمان سيارته في طريق استغرق ساعتين للوصول إلى المطار ليكون في استقباله كي يعرف المزيد من المعلومات عن المشروع، الذي سماه على الفور «كووكي»، وهو ما كان يعني أنه سوف يدرس احتمالاته وإمكانياته العملية. وكانت هذه الآلة، مع كل، هي النسخة الإلكترونية الحديثة من الكمبيوتر الموازي للعقل البشري التي صنعها في لوس ألاموس. كان هذا، بالإضافة إلى كون ابنه معنيا بالأمر، كفيلا بجعلها فرصة لا تقاوم.

وفي الحقيقة، عندما بدأ هيليس بالفعل في إنشاء شركة «الآلات المفكرة»، تطوع فاينمان بقضاء صيف عام 1983 في العمل في بوسطن (مع كارل)، غير أنه رفض تقديم «نصائح» عامة مبهمة مبنية على خبرته العلمية، وأطلق على هذا الأمر مصطلح «حزمة من الهراء»، وطالب بأن يقوم بما سماه «عملا حقيقيا». واشتق في نهاية المطاف حلا حسابيا لعدد الرقائق التي سيحتاجها كل موجه اتصال من أجل الاتصال به حتى يسمح بإجراء حسابات متوازية بنجاح. والمذهل في هذا الحل أنه لم تجر صياغته باستخدام أي من التقنيات التقليدية لعلوم الكمبيوتر، وإنما باستخدام أفكار مستقاة من علم الفيزياء، ومن بينها الديناميكا الحرارية والميكانيكا الإحصائية. والأهم من ذلك - على الرغم من أنه لم يوافق على الحسابات التقديرية التي قام بها مهندسو الكمبيوتر الآخرون بالشركة - أنه تبين صحة حساباته هو (في الوقت نفسه بين لهم كيف يمكن تحقيق استفادة طيبة من حاسبهم في حل مشكلات الفيزياء التي تتحدى الآلات الأخرى رقميا، ومن بينها المشكلات المتعلقة بمحاكاة أشكال نظم فيزياء الجسيمات الأولية).

في ذلك الوقت تقريبا، في عام 1981، شرع فاينمان أيضا في إعمال مزيد من الفكر العميق في الأسس النظرية للحساب الآلي ذاته، واشترك مع زملائه بكالتك، جون هوبفيلد وكارفر ميد في تقديم دورة دراسية تغطي مسائل متباينة من التعرف على النمط وحتى القابلية الحسابية ذاتها. كانت المسألة الأولى شيئا خلب لبه دوما، ومن أجله أنشأ بعض المقترحات الغريبة التي كانت تعد في زمانها غير ممكنة التطبيق لأجهزة الكمبيوتر. ولا يزال «التعرف على النمط» أبعد من قدرات وإمكانيات معظم أجهزة الكمبيوتر حتى الآن، ولهذا السبب فإنك عندما تحاول التسجيل في بعض مواقع الإنترنت، ولكي يتمكن الموقع من التمييز بين المستخدمين من البشر العاديين وبين فيروسات الكمبيوتر الآلية أو القراصنة، يعرض لك صورة بها بعض الحروف المكتوبة بطريقة مشوهة ويطلب منك كتابة ما تراه قبل أن يسمح لك بمواصلة التسجيل.

كان هذا هو المجال الذي استحوذ على اهتمام فاينمان، ونقصد به فيزياء الحوسبة، والقضية المتعلقة به؛ حوسبة الفيزياء. وأنتج فاينمان سلسلة من الأبحاث العلمية وكتابا يجمع ملاحظات المحاضرات، نشرت بشكلها النهائي (بعد شيء من التنازع القضائي بشأن ملكيته لها)، من الدورة الدراسية التي قدمها حول هذا الموضوع والتي بدأت عام 1983.

لفترة من الوقت كان مفتونا بفكرة الآليات الخلوية، التي ناقشها بإسهاب مع طالب شاب نابغة في كالتك، هو ستيفن وولفرام، الذي واصل طريقه بعد ذلك ليشتهر باعتباره مبتكر حزمة برامج رياضيات الكمبيوتر المعروفة باسم «ماثيماتيكا»، التي أحدثت ثورة كبرى في الأسلوب الذي يجري به الناس الآن حساباتهم الرقمية والتحليلية. إن الآليات الخلوية في الأساس مجموعة من الأجسام المنفصلة غير المترابطة داخل مصفوفة يمكن برمجتها بحيث تتبع قواعد بسيطة في كل خطوة زمنية من خطوات عملية يجريها الكمبيوتر، بناء على حالة أقرب جيرانها. حتى القواعد شديدة البساطة يمكنها إنتاج أنماط معقدة إلى حد لا يصدقه عقل. وما من شك أن فاينمان كان معنيا بما إذا كان عالم الواقع يمكنه العمل بهذه الطريقة أم لا، مع وجود قواعد أساسية للغاية وموضعية لكل نقطة زمكانية في أساسها، وفي نهاية المطاف تنتج تعقيدا يشاهد عند المقاييس الأكبر.

لكن ليس من المدهش أن تحول اهتمامه الأساسي نحو مسائل الحوسبة وميكانيكا الكم. سأل فاينمان نفسه عن حاجة المرء لتغيير الخوارزميات لجعل الكمبيوتر يحاكي منظومة ميكانيكية كمية لا منظومة تقليدية. فعلى أي حال، كانت القواعد الفيزيائية الأساسية مختلفة. وسوف يكون النظام المعني في حاجة لمعالجته من خلال الاحتمالات، وحسبما بين هو في إعادة صياغته لعالم الكم، من أجل أن يتتبع بطريقة ملائمة تطوره الزمني يحتاج المرء لحساب نطاقات الاحتمالات (وليس الاحتمالات ذاتها!) للعديد من المسارات البديلة المختلفة في الوقت نفسه. ومرة أخرى، كانت ميكانيكا الكم، حسبما صاغها، تتطلب بطبيعة الحال وجود جهاز كمبيوتر يمكنه إجراء حسابات مختلفة على التوازي، ليتم جمع النتائج بعدها في نهاية العملية الحسابية.

أدى تأمله الخلاب لهذا الموضوع، الذي احتوته سلسلة من الأبحاث التي كتبها بين عامي 1981 و1985، إلى طرق اتجاه جديد يعود إلى أطروحته التي قدمها عام 1959. فبدلا من استخدام جهاز كمبيوتر تقليدي في محاكاة العمل الميكانيكي الكمي، هل يمكن للمرء تصميم كمبيوتر ذي عناصر من الصغر بحيث يمكن التحكم فيها هي ذاتها بواسطة قواعد ميكانيكا الكم، وإن أمكن ذلك، فكيف يمكن لهذا الأمر أن يغير الأسلوب الذي يجري به الكمبيوتر حساباته؟

من الواضح أن اهتمام فاينمان بهذه المسألة نبع من اهتمامه المستمر بفهم ميكانيكا الكم. وربما اعتقد المرء أنه كان يفهم أسلوب عمل ميكانيكا الكم أكثر من أي شخص، غير أنه في محاضرة ألقاها عام 1981 وبحث ناقش فيه هذا الأمر لأول مرة، أدلى باعتراف يكشف عن المنطق الذي يتبعه في انتقاء المشكلات التي يفكر فيها - وهي في حالتنا هذه حاسبات الكم - أكثر مما يكشف عن عدم ارتياحه لميكانيكا الكم:

ناپیژندل شوی مخ