ريچارد فاینمن: د علم په ژوند کې
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
ژانرونه
قدم فاينمان لاحقا وصفا جميلا لهذا الموقف في بحثه عام 1949 الذي كان بعنوان «نظرية البوزيترونات». كان تشبيهه الشهير مستعارا من قائد قاذفة قنابل ينظر بمنظاره لأسفل على طريق (ما من شك أن الحرب العالمية الأخيرة أثرت دون شك على اختيارات فاينمان لتشبيهاته هنا): «الأمر يشبه قائد طائرة قاذفة يرى طريقا واحدا من خلال منظار القنابل لطائرة تحلق على ارتفاع منخفض ثم فجأة يرى ثلاثة طرق، وفقط عندما يلتقي اثنان منهما ثم يختفيان مرة أخرى، يدرك أنه ببساطة قد مر فوق تعرج طويل لطريق واحد.»
وهكذا فإن عدد الجسيمات في نظرية كم نسبية يجب أن يكون غير محدد. فما إن نظن أن لدينا جسيما واحدا، حتى يبرز لنا زوج مكون من جسيم وجسيم مضاد من الفراغ، فتصبح ثلاثة. وبعد أن يبدد الجسيم المضاد أحد الجسيمين (سواء شريكه أو الجسيم الأصلي)، يصبح هناك جسيم واحد مرة أخرى، تماما مثلما شاهد قاذف القنابل من كوة إلقاء القنابل وهو يعد الطرق التي تقع تحته. فالفكرة الأساسية مرة أخرى ليست هي أن حدوث هذا «ممكن» وحسب وإنما أن النسبية «تقتضي» حدوثه، حتى إننا بالنظر للأمر من المنظور الحالي نرى أن ديراك لم يكن أمامه خيار سوى تضمين الجسيمات المضادة في نظريته النسبية للإلكترونات والضوء.
فكرة أن فاينمان كان هو الشخص الذي أشار في مخططاته إلى احتمال معاملة البوزيترونات باعتبارها إلكترونات تتحرك عكس الزمن هي فكرة مدهشة؛ لأنها توحي على الفور أن نفوره السابق من نظرية المجال الكمي كان في غير محله. وقد احتوى توسعه البياني الزمكاني بهدف حساب الآثار الفيزيائية في الديناميكا الكهربائية الكمية ضمنا على المحتوى الفيزيائي لنظرية يمكن بمقتضاها أن تنشأ الجسيمات وتفنى، ومن ثم يكون عدد الجسيمات خلال الخطوات الوسيطة لإحدى العمليات الفيزيائية غير محدد. وقد اضطرت الفيزياء فاينمان إلى إعادة إنتاج المحتوى الفيزيائي لنظرية المجال الكمي. (في الحقيقة، في بحث مغمور أجراه الفيزيائي الألماني إرنست ستوكلبرج عام 1941، قبل بحث فاينمان بثمانية أعوام، وجد هذا العالم نفسه مدفوعا نحو التفكير من منظور المخططات الزمكانية، والتفكير في البوزيترونات باعتبارها إلكترونات تتحرك عكسيا في الزمن، إلا أنه لم يجد الدافع الكافي لمتابعة المنهج الذي اتبعه فاينمان في نهاية المطاف مستخدما تلك الأدوات.)
الآن وقد ألفنا تلك الرسوم البيانية التي ستعرف فيما بعد باسم «مخططات فاينمان»، يمكننا رسم العمليات المتوافقة مع العمليات التي كانت قبل ذلك لانهائية والمرتبطة بالطاقة الذاتية للإلكترون واستقطاب الفراغ:
غير أنه من وجهة نظر فاينمان، كان هناك اختلاف جذري بين الرسمين البيانيين. فقد كان باستطاعته تخيل الرسم الأول بصورة طبيعية حين يبعث الإلكترون فوتونا ثم يعيد امتصاصه لاحقا. إلا أن الرسم البياني الثاني بدا غير طبيعي لأنه لا يمكن أن ينتج عن مسار إلكترون واحد يتحرك ويتفاعل جيئة وذهابا في المكان والزمان، وشعر فاينمان أن مثل هذه المسارات هي الوحيدة الملائمة لإدخالها ضمن حساباته. ونتيجة لهذا، كان متنبها لحاجته لإدراج تلك العمليات الجديدة، ولم يفعل هذا في البداية. وتسبب هذا القرار في عدد من المشكلات لفاينمان وهو يحاول اشتقاق إطار يمكن فيه تحاشي كل قيم ما لانهاية التي ظهرت في نظرية ديراك، ويمكن فيه اشتقاق تنبؤات واضحة للعمليات الفيزيائية.
ارتبط أول نجاح عظيم لأساليب فاينمان بحساب الطاقة الذاتية للإلكترون. كان أهم شيء أنه عثر على طريقة لتغيير تفاعل الإلكترونات والفوتونات على مقاييس بالغة الضآلة وطاقات بالغة الارتفاع بأسلوب يتفق مع متطلبات نظرية النسبية. وينتج هذا بشكل تصويري من تأمل الحالة التي تصبح فيها الحلقة الموجودة في رسم الطاقة الذاتية شديدة الصغر، ثم تغيير تفاعلات جميع الحلقات الصغيرة والأصغر. وبهذه الطريقة يمكن اشتقاق نتيجة مبدئية، وهي ذات قيمة محددة. علاوة على ذلك، من الممكن إيضاح أن هذه النتيجة مستقلة عن شكل تغيير تفاعلات الحلقات الصغيرة في الحدود التي تصبح فيها الحلقات أصغر وأصغر. وأهم شيء، كما أكدت من قبل، هو أنه لما كانت الحلقات تأخذ في الاعتبار زمنا عشوائيا للانبعاث والامتصاص وفي نفس الوقت تشمل عناصر تتحرك في الزمن ذهابا وإيابا، فإن شكل التعديل الذي أجراه فاينمان لم يفسد السلوك النسبي للنظرية، الذي لا يجب أن يعتمد على تعريف أي مشاهد منفرد للزمن.
وكما تنبأ كريمرز وغيره، كان المفتاح هو جعل إسهامات الحلقات المتغيرة تلك ذات قيم محددة، أو إخضاعها لنظام، حسبما أطلق على هذا لاحقا، بطريقة تتفق مع النسبية. حينها إذا عبر المرء عن التصويبات التي أجريت على الكميات الفيزيائية - مثل طاقة إلكترون في مجال ذرة هيدروجين - من حيث الكتلة المادية والشحنة المادية للإلكترون، فإن القيمة المتبقية، بعد حذف الحد الذي كان سيتخذ قيمة لانهائية لولا التعديل الذي تم على الحلقات الصغيرة، تجمع بين كونها محددة ومستقلة عن الشكل الصريح للتعديل الذي تم إجراؤه. والأهم من ذلك أنها تظل ذات قيمة محددة حتى بعد إنقاص مقياس الحجم الذي تتغير عنده أشكال الحلقات البيانية إلى صفر، حيث كان الرسم البياني للحلقة سيتخذ قيمة لانهائية لولا ذلك. ونجحت إعادة التطبيع! واتفق التصويب محدد القيمة بقدر معقول جدا مع تحول لامب المقاس، وأثبتت الديناميكا الكهربائية كنظرية كمية.
إلا أنه مع الأسف لم ينجح نفس النوع من الإجراءات الذي استخدمه فاينمان لتغيير النظرية على مقاييس مسافات ضئيلة عند بحثه في الطاقة الذاتية للإلكترون عندما بحث في التأثير اللانهائي للرسوم البيانية لاستقطاب الفراغ. فلم يتمكن فاينمان من العثور على تعديل لحلقات الإلكترون-البوزيترون الصغيرة بحيث يحافظ على الخصائص الرياضية الأنيقة للنظرية دون إجراء هذا التعديل. ولعل هذا سبب آخر، يضاف إلى إحساسه بأن تلك المخططات ربما لم تكن ملائمة فيزيائيا للمشكلة التي يبحثها، دفعه لتجاهلها في حساباته الأولى لتحول لامب.
دخل فاينمان في صراع متقطع مع هذه المشكلة على مدار عامي 1948 و1949. وتمكن من التوصل لنتائج دقيقة من المنظور الكمي بأن افترض بالحدس أن الحدود الإضافية المتنوعة في معادلاته، التي ظهرت بسبب تغيير شكل حلقة الإلكترون-البوزيترون، من المرجح أنها كانت غير فيزيائية؛ لأنها لم تتفق مع الدقائق الرياضية للديناميكا الكهربائية الكمية، ومن ثم صار بالإمكان تجاهلها بأمان. وحل هذا الوضع غير المرضي عندما أبلغ بيته فاينمان بعد ذلك في عام 1949 عن حيلة اكتشفها فولفجانج باولي وسمحت بتعديل متوافق رياضيا يجري إدخاله على رسوم استقطاب الفراغ البيانية.
ما إن أدخل فاينمان هذا المخطط في حساباته، حتى أمكنه ترويض جميع القيم اللانهائية في الديناميكا الكهربائية الكمية، وأمكن حساب كل كمية فيزيائية بدقة متناهية ومضاهاتها بنتائج التجارب. ومن المنظور العملي لامتلاك نظرية للإلكترونات والفوتونات يمكن للمرء من خلالها حساب تنبؤات محددة القيمة (ودقيقة) لجميع العمليات، حقق فاينمان الهدف الذي حفزه في البداية في مشروع تخرجه تحت إشراف ويلر.
ناپیژندل شوی مخ