============================================================
فلو كان الله عز وجل يحب الأمن منه لأحد ويزيل الحذر عنه لأحبه لهما وأزاله عنهما في جنته ، وليس هما فتنة ولاشيء نهيا عنه إلا شجرة واحدة.
فكيف بنا في فتن لا تحصى في القلب والجوارح، وما لا يحصى من ملاذ الدنيا وشهواتها؟ فما زال بهما حتى آخرجهما من جوار ربهما.
فمن يأمن عدو الله بعدهما إذ أزالها في الدار التي لم يمتحنا فيها إلا بواحدة.
فكيف في دار المحن والبلوى والفتن والبلاء، وقال موسى ه " هذا من عمل الشيطان" .
فحذرنا الله عز وجل في غير موضع في كتابه، من الاشتغال به ، ومن حبه اتباع آمره وأن يچذر ما حذر منه.
فالأمن منه غرور، وترك لأمر الله عز وجل. فمستوجب من أمنه وضيع ما أمره الله عز وجل به من حذره آن يسلطه عليه ، ثم لا يعصمه منه عقوبة لتضييعه أمره.
وكيف يؤمن من لم ينج منه الأقوياء؟ فأمان الضعفاء له غرة وخدعة، مع تضييع الأمر من المولى جل وعز بالتحذير منه واتخاذه عدوا، وهو يقول : (عدة ضل مبين(1) بين الضلالة.
وأمر بحذره ومجاهدته كما أمر بحذر الكافرين ومجاهدتهم .
فقال عز وجل: {خذوا حذركم)(2).
و أمر نبيه ه بصلاة الخوف تقوم بها طائفة منهم بعد طائفة لا نعد ذلك من انبي شغلا عن ربه عز وجل، ولكن اتباعا لأمره. ففعل ذلك طاعة لربه ، اشتغالا بعدو الله (2).
: (1) سورة القصص، الآية: 19.
(2) سورة النساء، الآية: 71.
(3) مذهب العمل في التصوف.
من هنا يظهر أن أصول السلوك الإسلامي تقوم على رعاية الجانب الدنيوي والأخروي معا، 199
مخ ۱۹۸