137

============================================================

فإذا حذر قلبه من الموت ارتقب الموت، فإذا كان للموت مرتقبا سارع إلى الاستعداد له، والاستباق إلى الخيرات قبل أن يسبقه إلى روحه مالكها (1) .

وكذلك يروى عن علي بن آبي طالب رضي الله عنه، أنه قال : من ارتقب الموت سارع إلى الخيرات.

وروي عن علي أيضا، أنه قال : إنما يهلك اثنتان : اهوى، وطول الأمل؛ فأما اهوى فيصد عن الحق (2) ، وأما طول الأمل فينسى الآخرة، وصدق رحمة الله عليه .ا ولو أن غائبين عنك ترى أن أحدهما قادم سريعا في يومك أو ليلتك أو من غدك، والآخر ترى أنه يقدم إلى شهر أو إلى حول، لاستعددت للذي ترى أنه عليك قادم سريعا، إن كان (قد) (2) أوصاك بوصية بادرت إلى إنقاذها قبل أن يفجاك بقدومه، فتلحقك ملامته أو عقوبته، وتهييء له مع ذلك البر واللطف، وإن كانت إليه منك ذنوب(4) أو إساءة، أجلت الفكر ورويت، كيف تعتذر إليه لتخرج من سخطه او من ملامته، أو لئلا تنتقض منزلتك عنده.

ومما يدلك على ذلك : ما روي عن كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف عن غزوة تبوك، أنه قال: لما قيل : إن النبي ه قد أظل قافلا جعلت أتفكر ، وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي، كيف أعتذر إليه لأخرج من سخطه .ا وكذلك من غلب على قلبه أن الموت قادم عليه سريعا، ثم علم أن الخبر يأتيه يقينا عند الموت بهلاكه أو نجاته، بادر إلى أن يترضى الله عز وجل، ويعتبه بالاعتذار إليه بما يقبله، والطهارة لقلبه وبدنه من المعاصي ليلقاه طاهرا.

(1) ومما يدل لصدق هذه النظرية السلفية : آن من جاوز الستين من العصاة غالبا يعاين المؤت ، فيحاول تدارك ما فاته، فلو عجل الشباب هذه المعاينة من طريق الوهم لاستقاموا على الطريقة .

(2) اهوى يصد عن الحق، ويعمي عن الرشد، لأنه مرتبط باللذات العاجلة التي تجسدها النفس ، ل وتستمسك بها ، فتصد عما عداها من الحق بأن تحجب العقل عن الموازنة بين العاجل والأجل.

(3) ما بين الحاصرتين: سقطت من ط (4) في ا: ذنب.

مخ ۱۳۶