كان حال الصحابه من بعده- يتدارسون موضوع الفتن ويستعيذون باللَّه منها تجنبًا لها وخوفًا على إيمانهم وإستقامتهم وحسن خاتمتهم، كما نرى من خلال الأحاديث النبوية وما فيها من حوار الرسول ﷺ مع صحابته حول هذا الموضوع الذي أقلقهم وقض مضاجعهم. قال عبد اللَّه بن مسعود ﵁: (لا يقولن أحدكم: اللَّهم أننى أعوذ بك من الفتنة، فإنه ليس منكم أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، لأن اللَّه تعالى يقول: ﴿أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: ٢٨] فأيكم إستعاذ، فليستعذ باللَّه من مضلات الفتن) (١).
أولًا: حذيفة بن اليمان وأحاديث الفتن
١ - قال حذيفة ﵁ كاتم سر الرسول ﷺ:
(واللَّه أنى لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة بينى وبين الساعة، وما بي (إلا) أن يكون الرسول اللَّه ﷺ أسر إلى في ذلك شيئًا لم يحدثه غيري، ولكن رسول اللَّه ﷺ قال يومًا وهو في مجلس يتحدث عن الفتن ويعدهن:
منها ثلاث لا يكدن يذرن شيئًا، ومنها فتن كرياح الصيف -منها صغار ومنها كبار، فيذهب أولئك الرهط الذي سمعوه معى كلهم غيرى) (٢).
٢ - وفى رواية أخرى قال حذيفة ﵁:
(أخبرني رسول اللَّه ﷺ بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا قد سألته إلا أنى لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة)؟ (٣)
٣ - وعن ابن الدرداء ﵁ أنه قال لعلقمة: (أليس فيكم صاحب السر الذي لا
(١) تفسير ابن كثير سورة الأنفال قوله تعالى: ﴿أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾. .
(٢) مختصر صحيح مسلم رقم: ١٩٩٢.
(٣) مختصر صحيح مسلم رقم: ١٩٩٥.