يَرجعون إلى الحق، مثل توقُّف ابن عمر عن قوله: إن المصلّي على الجنازة له قيراط، حتى سألوا عائشةَ فروَتْ ذلك أيضًا (^١). وكذلك حديث فاطمة بنت قيس (^٢) وحديث بَرْوَع بنت واشق (^٣) وأمثال ذلك كثيرة. ما علمنا أحدًا من الصحابة والتابعين مع فضلِ عقلهم وعلمهم وإيمانهم ردُّوا حديثًا صحيحًا وتأوَّلوه على خلاف مقتضاه، لمخالفة ظاهر القرآن في فهمهم أو لمخالفة المعقول أو القياس، إلّا كان الصوابُ مع الحديث ومَن اتبعَه، فكيف بمن بعدَهم؟! وهذا من معجزات الرسولِ وآياتِ حفظِ دينِه وشرعِه وسننِه.
وهذا خاصّة الصدّيق مع سائر الصحابة، فإنه لم يُعرَفْ له فتوى ولا كلامٌ يخالف شيئًا من الأحاديث، بل كمل فيه التصديق حيًّا وميّتًا. ولغيِره من التأويل والاجتهاد ما هو مُثابٌ فيه على حُسْنِه، ومغفورٌ له فيه خطؤه. بل كان الصديق يُبَيِّنُ لهم من معاني النصوص إذا اعتقدوا في ظاهرها ما لا يدلُّ عليه ورأى عدمَه، كما قال له عمر عامَ الحديبية (^٤): ألم يُحدِّثْنا رسول الله ﷺ أنَّا نأتي هذا البيت ونطوفُ به؟ قال: أقالَ لك إنك تأتيه هذا العامَ؟ قال: لا، قال: فإنك آتيهِ ومُطَّوِّفٌ به. وكان عمر لما سأل النبي ﷺ أجابَه بهذا الجواب. وهو جوابٌ حقٌّ، فإن اللفظ مطلقٌ لم يُوقِّتْ زمنًا، فتخصيصُه بذلك العام كان في ظنّ المستمع، لما