لأنها تقوم مقام النقدية فلا يصح أن تكون سلعًا تباع وتشترى، ولأنها تقوّم بها الأشياء والناس تثق بها كقوة شرائية ومستودعًا للادخار وتتمول وتبرأ بها الذمم فقامت مقام النقود، ولهذا أفتى ابن الصلاح بأنه يجوز العقد على الفلوس بعد أن منع من ذلك وقال: لأن جميع ذلك يروج رواجًا واحدًا وهو المقصود بها، وهي في حالة كونها مضروبة لا التفات فيها إلى مقدار الجرم لأنه لا يقصد فيها غير غرض النقدية والرواج. أ. هـ. وجاء في المدونة أن الإمام مالك ﵀ قال: ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة أ. هـ. وقال ابن تيمية ﵀: وأما الدرهم والدينار فلا يُعرف له حد طبيعي ولا شرعي بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح، وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق الغرض المقصود به بل الغرض أن يكون معيارًا لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثمانًا...والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيف ما كانت. أ. هـ وقال ابن القيم ﵀: فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات والثمن هو المعيار الذي به يعرف تقويم الأموال فيجب أن يكون محدودًا مضبوطًا لا يرتفع ولا ينخفض... فالأثمان لا تقصد لأعيانها بل تقصد للتوسل بها إلى السلع فإذا صارت في أنفسها سلعًا تقصد لأعيانها فسد أمر الناس وهذا معنى معقول يختص بالنقود ولا يتعدى إلى سائر الموزونات. أهـ
فعلى هذا تكون علة الربا في الذهب والفضة مطلق الثمنية وهي قاصرةٌ عليهما (أي: في السابق، قبل ظهور النقود من غيرهما) .
الترجيح: الراجح هو القول الأخير وهو أنها ثمن قائمٌ بذاته كقيام الثمنية في الذهب والفضة وغيرها من النقود المعدنية وينبني على هذا القول ما يلي:
8 / 4