174

Research in Terminology by Al-Fahl

بحوث في المصطلح للفحل

ژانرونه

ولم يرتض ابن حزم هذه التخطئة، وأجاب عن ذلك فقال: «لم يتحقق علينا قول من قال أن جرير بن حازم أخطأ في هذا الخبر إلا أن هذا ليس بشيء؛ لأن جريرًا ثقة، ودعوى الخطأ باطل إلا أن يقيم المدعي له برهانًا على صحة دعواه، وليس انفراد جرير بإسناده علة؛ لأنه ثقة» (١) . ويجاب عن كلام ابن حزم: بأن ليس كل ما رواه الثقة صحيحًا، بل يكون فيه الصحيح وغير ذلك؛ لذا فإن الشذوذ والعلة إنما يكونان في حديث الثقة؛ فالعلة إذن هي معرفة الخطأ في أحاديث الثقات، ثم إن اطباق أربعة من أئمة الحديث على خطأ جرير، لم يكن أمرًا اعتباطيًا، وإنما قالوا هذا بعد النظر الثاقب والتفتيش والموازنة والمقارنة. أما إقامة الدليل على كل حكم في إعلال الأحاديث، فهذا ربما لا يستطيع الجهبذ الناقد أن يعبر عنه إنما هو شيء ينقدح في نفسه تعجز عبارته عنه (٢) . ثم إن التفرد ليس علة كما سبق أن فصلنا القول فيه في مبحث التفرد، وإنما هو مُلقٍ لِلضوءِ على العِلّة ومواقع الخلل وكوامن الخطأ، ثم إنا وجدنا الدليل على خطأ جرير ابن حازم، إذ قَدْ خالفه الإمام الثقة الثبت حماد بن زيد (٣)، فرواه عن يحيى بن سعيد ولم يذكر عمرة (٤) . وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه الطبراني (٥) من طريق: يعقوب بن مُحَمَّد الزهري، قال: حدثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة بن عبد الرحمان، عن الحارث بن هشام، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

(١) المحلى ٦/٢٧٠. (٢) انظر: معرفة علوم الحديث: ١١٢-١١٣. (٣) هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي، الجهضمي، أبو إسماعيل البصري، (ثقة، ثبت، فقيه)، أخرج لَهُ أصحاب الكتب الستة. التقريب (١٤٩٩) . (٤) عند الطحاوي في شرح المعاني ٢/١٠٩، والبيهقي ٤/٢٨١. (٥) المعجم الأوسط (٧٣٨٨) طبعة الطحان و(٧٣٩٢) الطبعة العلمية.

1 / 174