أما دعوى إعلال النقاد لَهُ، فليس في كلام الإمام البخاري ما يدل عَلَى إعلاله لَهُ، فغاية مراد الإمام البخاري من قوله هَذَا تشخيص حالة التفرد، وذلك لاهتمامهم بناحية التفرد – كَمَا مضى بنا عِنْدَ كلامنا عن التفرد –.
ومحمد بن عَبْد الله الملقب بالنفس الزكية (١) ثقة (٢)، لذا قَالَ ابن التركماني:
«وثّقه النسائي وقول البخاري «لا يتابع عَلَى حديثه» ليس بصريح في الجرح فلا يعارض توثيق النسائي» (٣) .
وأما قوله: «لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟» .
فإنما يتأتى الإعلال بِهِ عَلَى شرط الإمام البخاري ﵀ من عدم الاكتفاء بالمعاصرة، أما الجمهور فعلى مذهب الإمام مُسْلِم من الاكتفاء بالمعاصرة مع إمكان اللقاء (٤)، وما في أيدينا تطبيق لهذه القاعدة، فأبو الزناد – عَبْد الله بن ذكوان – مدنيٌّ عاش في الْمَدِيْنَة ومات فِيْهَا سنة (١٣٠ هـ) (٥)، ومحمد بن عَبْد الله مدنيٌّ أَيْضًا عاش في الْمَدِيْنَة، وخرج بالمدينة عَلَى أبي جعفر المنصور، واستولى عَلَى الْمَدِيْنَة سنة (١٤٥ هـ) وفيها قتل (٦) .
فالمعاصرة موجودة، وإمكان اللقاء قريب بَلْ هُوَ شبه المتحقق، حَتَّى إننا نجد الذهبي في " السير " (٧) يقول: «حدّث عن نافع وأبي الزناد» .
دعوى وجود الشواهد لحديث وائل، فهي دعوى عارية عن المفهوم عِنْدَ التحقيق العلمي، إِذْ ذكروا لَهُ أربعة شواهد هِيَ:
(١) انظر: تاريخ خليفة: ٤٢١، وتاريخ الطبري ٤/٤٢٧، والتحفة اللطيفة في تاريخ الْمَدِيْنَة الشريفة ١/٤٣.
(٢) تقريب التهذيب (٦٠١٠) .
(٣) الجوهر النقي ٢/١٠٠.
(٤) انظر: مقدمة صَحِيْح مُسْلِم ١/٢٣، والمنهل الروي: ٤٨.
(٥) انظر: تهذيب الكمال ٤/١٢٥-١٢٦.
(٦) انظر: الكامل في التاريخ ٥/٢ فما بعدها.
(٧) سير أعلام النبلاء ٦/٢١٠، وانظر: الكاشف ٢/١٨٥-١٨٦، وتهذيب التهذيب ٩/٣٥٣.
10 / 8