ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يُمَلُّ تَعْدَادُهَا، وَأَنَّ الْجُبْنَ الْخَالِعَ يَصُدُّ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّ اللَّهِ مِنْ جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَيَدْعُو إِلَى تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، حَذَرًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْمَأْمُورِ أَوِ الْمَنْهِيِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ ﷺ: «لَا يَأْتِي رَجُلٌ مَوْلَاهُ يَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِ مَا عِنْدَهُ فَيَمْنَعُهُ إِيَّاهُ، إِلَّا دُعِيَ لَهُ شُجَاعًا يَتَلَمَّظُ، فَضْلُهُ الَّذِي مَنَعَ»، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالشُّجَاعِ: نَوْعًا مِنَ الْحَيَّاتِ، وَهِيَ مِنْ عِظَامِهَا وَخِبَاثِهَا، وَإِيَّاهُ عَنَى الرَّاجِزُ بِقَوْلِهِ:
[البحر الرجز]
قَدْ سَالَمَ الْحَيَّاتُ مِنْهُ الْقَدَمَا ... الْأَفْعُوَانَ وَالشُّجَاعَ الشَّجْعَمَا
وَأَمَّا قَوْلُهُ: «يَتَلَمَّظُ»، فَإِنَّ التَّلَمُّظَ: التَّمَطُّقُ وَتَكْرِيرُ الْعَضِّ وَالْقَضْمِ، يُقَالُ مِنْهُ: مَا ذَاقَ فُلَانٌ الْيَوْمَ لَمَاظًا، وَلَا مَضَاغًا، وَلَا قَضَامًا، وَلَا أَكَالًا، إِذَا لَمْ يَذُقْ شَيْئًا