143

رد شبهات حول عصمة النبى صلى الله عليه وسلم

رد شبهات حول عصمة النبى صلى الله عليه وسلم

ژانرونه

هذا فى الوقت الذى تأييده ﷺ بالمؤمنين ظاهر فى قوله تعالى: ﴿هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين﴾ (١) فلا معنى لأخباره على القول بمدنية آية العصمة – بعصمته من الناس – وقد عَرَفَه قبلًا أنه مؤيد بنصره تعالى، وبالمؤمنين.
وتعليل ابن كثير نكارة حديث جابر بن عبد الله فى بعث أبى طالب حُراسًا مع رسول الله ﷺ بأن "هذه الآية مدنية، وهذا الحديث يقتضى أنها مكية" (٢) غير مسلم به لأن دعواه مدنية هذه الآية لم يقم عليها دليلًا سوى ما يظهر من أنها موجودة فى نظم التلاوة فى سورة مدنية. ووجود الآية فى سورة مدنية، لا يستلزم كونها مدنية، لأن كثيرًا من الآيات المكية، وضعت توقيفًا منه ﷺ فى سورة مدنية، وكثيرًا من الآيات المدنية وضعت توقيفًا فى سورة مكية.
وبهذا أيضًا يُردَّ على الإمام القرطبى فيما ذهب إليه، من أن حديث ابن عباس – الذى سبق أن سقناه – يقتضى مكية هذه الآية، والسورة مدنية بإجماع (٣) . فمدنية السورة لا يمنع من وجود آية أو آيات مكيات فيها.
ودعوى أبى حيان فى البحر: "أن مكية هذه الآية يجعلها أجنبية بالنسبة لما قبلها وما بعدها لأنها فى قصة اليهود والنصارى" (٤) غير مسلمة أيضًا لأن وجود آية بين آيات منسجمة معها فى المعنى منسقة فى الربط والتناسب، لا يلزمه اتحاد زمن نزول هذه الآيات، إذ كثيرًا ما تكون الآية مكية، لكنها مناسبة لمعانى آيات مدنية اقتضت وضعها بينها توقيفًا من رسول الله ﷺ (٥) .

(١) الآية ٧١ الأنفال.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٣/١٤٥.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٦/٢٤٤.
(٤) البحر المحيط ٣/٥٣٠.
(٥) ينظر: آيات عتاب المصطفى ﷺ فى ضوء العصمة للدكتور عويد المطرفى ص١٢٤ – ١٣٢.

1 / 143