369

أفلا يحق لنا إذا أن نقول: إن الحق للقوة اليوم عند الفرنسيين وعند العرب؟ أولا يحق لنا أن نقول: إن الحق في الأمتين يعلو ولا يعلى عليه؟

أما عند أعدائهما، عند الألمان والأتراك، بل عند من يحاول ذبح الحرية وإذلال الإسلام، فالقوة قوتهم إنما هي قوة ذميمة عقيمة، لم تنشأ عن حق ما، ولا تعزز حقا صغيرا من حقوق الإنسان.

أجل، القوة التي لا يعرفها الحق ولا تعرفه إنما هي قوة عقيمة همجية، لا تقوم فيها حياة الاجتماع، ولا تدوم معها حياة الحكومات دستورية كانت أو ملكية مطلقة، والحق الذي لا تؤيده القوة ولا تعززه الحكمة إنما هو حق خيالي شعري لا أثر له يذكر في سلوك الإنسان والحكومات.

وإني لا أرى بين الأمم المتحاربة اليوم غير الأمم الكبرى المتحالفة وعلى الخصوص هذه الأمة الإفرنسية العظيمة التي يحق لنا أن نقول في مقاصدها ومساعيها القولين اللذين صدرت بهما مقالي: الحق للقوة، والحق يعلو ولا يعلى عليه.

أجل، إن الحق للقوة التي تظهرها فرنسا اليوم دفاعا عن كيانها، دفاعا عن حريتها وعن حرية الأمم جمعاء، والحق الذي يعلو ولا يعلى عليه إنما هو هذا الحق الكبير المجيد الذي تفادي فرنسا اليوم في سبيله النفس والنفيس فتكلله بالنصر وتعززه، كما هو شأنها في كل نهضاتها وثوراتها الاجتماعية والسياسية.

وهناك في المشرق، في بلاد العرب، في البقاع، المقدسة، أمة صغيرة عدا ، كبيرة فضلا ومجدا، غنية بما أورثها الأجداد من علم وإيمان، فتستحق أن تقرن اليوم بفرنسا؛ لما قامت به من مجيد الأعمال حتى الآن في سبيل الحق والحرية والاستقلال، وستحقق آمالنا - إن شاء الله - نحن الناطقين بالضاد، النائين عن الأوطان، والعالمين بالغث والسمين من نزعات الأوروبيين.

باريس، في 12 كانون الثاني، سنة 1917

لا حياة إلا بالحرية ولا حرية إلا بالسيف

5

إخواني أبناء وطني

ناپیژندل شوی مخ