2
بعد أن غاب شهرا حسبناه دهرا، سيادة أسقفنا الجليل فاستقبل خارج المدينة استقبالا عظيما وأقيمت له حفلة تحت البطمة القديمة، نادرة المثال فخيمة، وما كادت تهتز الأسلاك البرقية بخبر قدومه حتى خف إلى ملاقاته أبناء الرعية الكرام، تتقدمهم الجمعيات الخيرية والإصلاحية رافعات الأعلام، هاتفات هتافا رددت صداه الآكام، ونخص بالذكر من هاته الجمعيات «أخوية الأقاحي» التي توارى تحت أعلامها البيضاء اخضرار الحقول، و«جمعية الشقائق» التي ملأت راياتها الحمراء الربى، و«حزب القندول الوطني» وبنوده الصفراء تنور في الجموع، فتغني الموكب عن الشموع، وما كاد يصل القوم إلى البطمة المشهورة حتى اعتلى رئيس حزب الإصلاح الدكة فكان - وايم الحق - خطيبا، هز في الفضاء غصن بيانه فتناثرت منه الأزهار والأشواك، فهتف الناس صارخين: ما وقف - والله - على منبر سواك، ثم أسف الحسون شاعر سيادته الرسمي، فوقف على ذؤابة قندولة زاهرة وتلى في تهنئة راعينا وتمجيده، بل في نفجه وحلجه وتنجيده
3
قصيدة لو سمعها حافظ لكان لها حافظا، ثم ارتجل السنونو أحد شعراء سيادته الاحتياطيين أبياتا من على سماقته هي السحر الحلال كما يقال ولفظ أحد الجداء الحولية كلاما في إصلاح الطائفة فتن به السامعين، ونثرت إحدى البقرات النجل على سيادته زبدا من فيها هو ذوب اللجبن، وقدمت إليه طفليها، عجلين توئمين، فقبلهما وباركهما وعلق في رقبة كل منها عوذة العين . ومن ثم استأنف الموكب السير وسيادة راعينا شمس كواكبه فدخل المدينة وأبناء الوادي في الحلل البيضاء والحمراء والصفراء ينشدون مهللين بيتين من الشعر نظمهما الدوري، فبرز على المطران جرمانوس فيهما، وعلى الخوري، صاحب ديوان الشنطبوري.
4
قال شاعر السماقة يتأهل بسيادته:
عدت وعاد الربيع
عدت وعاد الهناء
عليك سلام الربيع
عليك سلام السماء
ناپیژندل شوی مخ