347

وفتحوا البوابات فى فجر اليوم التالى، وقدم القوم من الأئمة والعظماء معلنين العبودية، فدخل جنكيز خان المدينة، ومضى إلى الجامع، ووقف أمام المقصورة، وترجل ابنه تولوى خان، وصعد المنبر، فسأل جنكيز خان هل هذا بيت السلطان ؟، فقال: لا، إنه بيت الله، فنزل عن فرسه واقترب خطوتين من المنبر، وقال: إن السهل خال من العلف فاملأوا بطون خيلنا، ففتحوا أبواب المخازن، وحملوا الغلال، وجعلوا صناديق المصاحف حظائر للخيل، وبعد ذلك خرج جنكيز خان من المدينة، وأحضر جميع أهلها، ومضى إلى منبر مصلى العيد، وبعد أن قرر الخلافة، وذكر غدر السلطان الذى صنعه من قبل، وقتل جنكيز خان الأعيان وسلب أموالهم، وقال: اعلموا أيها القوم أنكم اجترحتم ذنوبا عظيمة، وعظماؤكم سبب أنى عذاب الله، ولو كانت منكم ذنوبا عظيمة، فإن الله لم يرسل عليكم عذابا مثلى، وأمر جنده بجمع الأموال، وأحرقوا المدينة والقلعة كلها ماعدا الجامع، وجعل الأمراء والنساء والأطفال عبيدا، وأرسل الشباب ليكونوا خدما فى سمرقند ودبوسيه، ومضى من هناك إلى سمرقند، وفى عام الأفعى الموافق شهور سنة ثمانى عشرة وستمائة استولى عليها بعد نهب وقتل كثير فى فصل الصيف، وقتل سماى خان، وتغاى خان، وأولاغ خان مع عشرين قائدا من قادة السلطان، وأرسل جوجى، وجغتاى، وأوكتاى لخوارزم، ووقع بينهم خلاف، وقتل كثير من جيش المغول، وبعد ذلك أرسل تولوى، ولما سمع جنكيز خان عن شهرة شيخ المشايخ نجم الدين أبو الجناب أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الخيوقى الخوارزمى المعروف بالكبرى (رحمه الله)، أرسل إليه رسالة قائلا: أريد أن أنهب خوارزم وأقتل أهلها، فليخرج هذا العظيم منها، إلا أنه لم يلق لذلك سمعا، واستشهد فى هذه الغزوة.

وفى نفس العام قبل أن يعبر جنكيز خان نهر جيحون بستة أشهر، توفى الشيخ قطب الدين حيدر بن تيمور بن أبى بكر بن سلطان شاه بن سلطان خان السالوية فى الطريق، وبلغ من العمر مائة عام وعشرة.

وأرسل جنكيز خان جبه نويان من قوم بيسون مع عشرة آلاف مقاتل فى المقدمة، كما أرسل فى عقبهم يقواما داى بهادر من قوم أورما نكفت مع عشرة آلاف آخرين، وأمرهم أن يلحقوا بالسلطان، وإذا وصلتم إليه أخبرونى، وإذا اختفى اذهبوا وابحثوا عنه فى بلاده، وكل من جاء معلنا الولاء استميلوه ، واقهروا كل من يبدى العداء، وأتم كل هذه الأعمال فى غضون ثلاثة أعوام، وعاد من طريق صحراء القبجاق، وقال: إن بلاد المغول هى وطننا الأصلى وليتصوا بنا.

مخ ۴۰۶