الباب الخامس
في دَواعي المحبَّة ومتعلَّقها
الدَّاعي قد يُراد به: الشعورُ الذي تتبَعُه الإرادةُ والميل، فذلك قائمٌ بالمحبِّ، وقد يُراد به: السببُ الذي لأجله وُجدت المحبَّةُ، وتعلّقت به، وذلك قائمٌ بالمحبوب، ونحن نُريد بالدَّاعي: مجموعَ الأمرين، وهو ما قام بالمحبوب من الصِّفات التي تدعو إلى محبَّته، وما قامَ بالمُحبِّ من الشُّعور بها، والموافقة التي بين المحبِّ والمحبوب، وهي الرابطة بينهما، وتُسمَّى بين المخلوق والمخلوق: مناسبةً وملاءَمةً.
فهاهنا ثلاثة أُمور: وصفُ المحبوب وجمالُه، وشعورُ المحبِّ (^١) به، والمناسبةُ، وهي العلاقة والملاءمة التي بين المحبِّ والمحبوب، فمتى قَوِيتِ الثَّلاثةُ وكَمُلَت؛ قوِيت المحبَّةُ واستحكمت، ونقصانُ المحبَّة وضعفُها بحسب ضعفِ هذه الثلاثة أو نَقْصِها (^٢)، فمتى كان المحبوبُ في غاية الجمال، وشعورُ المحبِّ بجماله أتمَّ شُعور، والمناسبةُ التي بين الرُّوحين قوية؛ فذلك الحبُّ اللازم الدائم، وقد يكون [٢٦ أ] الجمالُ في نفسه ناقصًا، لكن هو في عين المحبِّ كامل،
(^١) ش: «المحبوب».
(^٢) ت: «بعضها».