روضة المحبين

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
128

روضة المحبين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

پوهندوی

محمد عزير شمس

خپرندوی

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

د ایډیشن شمېره

الرابعة

د چاپ کال

۱۴۴۰ ه.ق

د خپرونکي ځای

الرياض وبيروت

ژانرونه

تصوف
وحمدِه، وتمجيدِه، والثناء عليه بما هو أهلُه، فتحصُل الغاية التي خَلَقَ لها الخلق، وإن فاتت من بعضهم، فذلك الفواتُ سببٌ لكمالها وظهورها، فتضمَّن ذلك الفواتُ المكروهُ له أمرًا هو أحبُّ إليه من عدَمه، فتأمَّلْ هذا الموضع حقَّ التأمل. وهذا ينكشف يوم القيامة للخليقة بأجمعهم حين يجمعهم في صعيدٍ واحد، ويُوصِل إلى كلِّ نفسٍ ما ينبغي إيصالُه إليها من الخير والشرّ، [٢٥ ب] واللَّذَّة والألم، حتى مثقال الذَّرة، ويوصل كلَّ نفس إلى غاياتِها (^١) التي تشهد هي أنها أوْلى بها، فحينئذٍ يَنْطِق الكونُ بأجمعه بحمده ﵎ قالًا وحالًا، كما قال ﷾: ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الزمر/٧٥]، فحذف فاعل القول لأنَّه غيرُ معيَّن، بل كلُّ أحدٍ يَحمَدُه على ذلك الحُكم الذي حكم به (^٢)، فَيَحْمَدُه أهلُ السموات وأهلُ الأرض، والأبرارُ والفجَّارُ، والإنسُ والجِنُّ، حتى أهلُ النار. قال الحسن أو غيره: لقد دخلوا النَّارَ وإن حَمْدَه لفي قلوبهم ما وجدوا عليه سبيلًا، وهذا - والله أعلمُ - هو السرُّ الذي حذفَ لأجله الفاعل في قوله: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [الزمر/٧٢]،

(^١) ت: «غايتها». (^٢) ش: «فيه».

1 / 101