يطلق امرأته يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد"
ولا تحل له بعد الثالثة حتى تنكح زوجا غيره لقول الله تعالى: ﴿حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ ولما في الصحيحين وغيرهما من قوله ﷺ لامرأة رفاعة القرظي "لا حتى تذوقي عسيلته ويذون عسيلتك" وهو مجمع على ذلك
"باب الخلع"
وفيه شناعة ما لأن الذي أعطاه من المال قد وقع في مقابلة المسيس وهو قوله تعالى ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ واعتبر النبي ﷺ هذا المعنى في اللعان حيث قال: "إن صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها" ومع ذلك فربما تقع الحاجة إلى ذلك فذلك قوله تعالى ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ قلت: دلت الآية الأولى على النهي عن الخلع والثانية على جوازه فتكلم الفقهاء في ترتيبهما قال البغوي وغيره إذا آذاها بمنع بعض حقوقها حتى ضجرت فاختلعت نفسها فهذا الفعل منه حرام ولكن الخلع نافد لأن الله تعالى قال في صورة النهي ﴿وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ والعضل التضييق والمنع وقال: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ﴾ وهذا إشارة طموح بصره إلى غيرها من غير أن يرى منها التقصير والخلع المباح بلا كراهية أن تكره المرأة صحبة الزوج ولا يمكنها القيام بأداء حقوقه فتخرج فتخلع نفسها لقوله تعالى ﴿إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ إلى أن قال: ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ ولتقريره ﷺ حبيبة بنت سهل على الخلع حين ذكرت الشقاق ولو اختلعت نفسها بلا سبب فجائز مع الكراهة لأن النبي ﷺ وأصحابه لم يفتشوا عن سبب الاختلاع من جانبها وقد ثبت أن رسول الله ﷺ قال: "أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق" أقول: في قولهم هذا الفعل منه حرام ولكن الخلع نافذ نظرا لأن قوله تعالي: ﴿فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ وقوله: لا يحل لكم نصان في تحريم أخذ البدل وهو يقتضي بطلان العقد كما في كثير من مسائل البيوع فإما أن يكون العقد باطلا من أصله أو
2 / 59