- الْمَغَازِي، وتشمل حَيَاة النَّبِي ﷺ فِي الْمَدِينَة المنورة.
ثمَّ قيض الله لهَذَا المجهود - مجهود ابْن إِسْحَاق - رجلا لَهُ شَأْنه، هُوَ أَبُو مُحَمَّد عبد الْملك بن هِشَام ت: ٢١٣هـ الْمعَافِرِي، فَجمع هَذِه السِّيرَة ودونها، وَكَانَ لَهُ فِيهَا قلم لم يَنْقَطِع عَن تعقب ابْن إِسْحَاق فِي الْكثير مِمَّا أوردهُ بالتحرير والاختصار والنقد، أَو بِذكر رِوَايَة أُخْرَى فَاتَ ابْن إِسْحَاق ذكرهَا، هَذَا إِلَى تَكْمِلَة أضافهان وأخبار أَتَى بهَا.
ثمَّ جَاءَ من بعدهمْ أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن السُّهيْلي المتوفي سنة ٥١٨هـ فعني بِهَذَا الْكتاب وتناوله على نَحْو جَدِيد ونهج آخر، وَهُوَ بِمَنْزِلَة الشَّرْح وَالتَّعْلِيق عَلَيْهِ، فَوضع كِتَابه "الرَّوْض الْأنف" - وَهُوَ الْكتاب الَّذِي بَين أَيْدِينَا- فِي ظلّ مجهودي ابْن إِسْحَاق وَابْن هِشَام، يتعقبهما فِيمَا أخبرا بالتحرير والضبط، ثمَّ الشَّرْح وَالزِّيَادَة، فجَاء عمله هَذَا كتابا آخر فِي السِّيرَة بحجمه وَكَثْرَة مَا حواه من آراء، تشهد لصَاحِبهَا بطول الباع، وَكَثْرَة الِاطِّلَاع.
وَمِمَّا نَقله صَاحب "كشف الظنون" ١ فِي معرض حَدِيثه عَن كتاب "الرَّوْض الْأنف" قولا للْإِمَام السُّهيْلي يشْرَح فِيهِ تأليفه لهَذَا الْكتاب حَيْثُ يَقُول: " ... فَإِنِّي اتنحيت فِي هَذَا الْإِمْلَاء بعد الاستخارة إِلَى إِيضَاح مَا وَقع فِي سيرة رَسُول الله ﷺ الَّتِي سبق إِلَى تأليفها أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق المطلبي، ولخصها عبد الْملك بن هِشَام الْمعَافِرِي النسابة مَا بَلغنِي علمه وَيسر لي فهمه من لفظ غَرِيب أَو إِعْرَاب غامض أَو كَلَام مستغلق أَو نسب عويص.
وَكَانَ بَدْء إملائي هَذَا الْكتاب فِي محرم سنة / ٥٦٩/ هـ تسع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة، وَكَانَ الْفَرَاغ مِنْهُ فِي جُمَادَى الأولى من ذَلِك الْعَام تحصل فِيهِ من فَوَائِد الْعُلُوم والآداب وَأَسْمَاء الرِّجَال والأنساب وَمن الْفِقْه الْبَاطِن اللّبَاب وتعليل النَّحْو وصنعة الْإِعْرَاب مَا هُوَ مستخرج من نَيف على مائَة وَعشْرين ديوانًا أَو نَحْوهَا". اهـ.
_________
١ انْظُر "كشف الظنون" لحاجي خَليفَة: ١/ ٩١٧، ٩١٨. ط. دَار إحْيَاء التراث - بِلَا تَارِيخ.
1 / 7