المجلد الأول
مُقَدّمَة
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْمُقدمَة:
الْحَمد لله رب الْعَالمين حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، الْحَمد لله الَّذِي أَحْيَا بِذكرِهِ قُلُوب عباده الصَّالِحين، فَقَامُوا لإحياء عُلُوم هَذَا الدّين.
وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد سيد الْأَوَّلين والآخرين وصفوة الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وقائد الغر المحجلين وعَلى آله السَّادة الأكرمين وَأَصْحَابه الغر الميامين وَمن اتبعهم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين أما بعد:
إِن أهم مَا يُمَيّز هَذَا الْعَصْر عَمَّا تقدمه من عصور هُوَ التَّفَاوُت أبنائه إِلَى تراث الْآبَاء والأجداد وَالسَّعْي الحثيث إِلَى بَعثه وحقيقه؛ لما فِيهِ من ذخائر وكنوز قل نظيرها عِنْد غَيرنَا من الْأُمَم الْأُخْرَى، مدفوعين إِلَى ذَلِك بدافع ديني، وَهُوَ الْحفاظ على عُلُوم هَذَا الدّين.
فحري بمثقفي هَذِه الْأمة والمتخصصين من أبنائها أَن يحافظوا على تراث الْآبَاء والأجداد، وَأَن يسعوا جاهدين لتجديده وإحيائه ودراسته وفهمه وَشَرحه، وَالزِّيَادَة عَلَيْهِ بِمَا يتوصلون إِلَيْهِ نم معارف وعلوم وفنون؛ لِأَن الْعُلُوم حلقات مُتَّصِلَة عبر مسيرَة الْحَيَاة، وَهَكَذَا يتم التواصل بَين الأجداد والأحفاد.
وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن ظُهُور الرسَالَة المحمدية يعْتَبر أعظم حَادث فِي تَارِيخ الْعَرَب خَاصَّة والبشرية عَامَّة، وَلم يدون فِي تَارِيخ الْعَرَب أَو السِّيرَة شَيْء إِلَى أَن مَضَت أَيَّام الْخُلَفَاء، بل لم يدون فِي هَذِه الْمدَّة غير الْقُرْآن الْكَرِيم ومبادئ النَّحْو، فقد رَأينَا
1 / 5