139

============================================================

بادر الى التوبة الخلصاء مجتهدا والموت ويحك لم يدد إليك يدا فانما المرء في الدنيا على خطر إن لم يكن ميتا في اليوم مسات غدا المكاية الرابعة والعشرون بعد الماية عن اساعيل بن عبدالله الخزاعى رحمه الله* قال قدم رجل من المهالبة من البصرة أيام البرامكة في حوائج له فلما فرغ منها انحدر إلى البصرة ومعه غلام له وجارية فلما صار في دجلة إذا بفتى على ساحل دجلة عليه جبة صوف وبيده عكازه ومزود، فسأل الملاح أن يحمله إلى البصرة ويأخذ منه الكراء فأشرف المهلبى فلما رآه رق له وقال للملاح قرب واحمله معك على الطلل فحمله فلما كان وقت الغداء دعا بالسفرة وقال للملاح قل للفتى يأتى يتغدى معنا فأبى أن يأتى إليه فلم يزل يطلب إليه حتى أتى فأكلوا حتى إذا فرغوا ذهب الفتى ليقوم فمنعه الرجل ثم دعا بالشراب فشرب قدحا ثم سقى الجارية قدحا ثم عرض على الفتى فأبى فسقى الجارية وقال هاتى ما عندك فأخرجت عودا لها في غشاء فهيأته وأصلحته ثم غنت فقالت يا فتى تحسن مثل هذا قال أحسن ما هو أحسن من هذا فافتتح الفتى وقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا، أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كتم في بروج مشيدة(1) وكان الفتى حسن الصوت فرمى الرجل بالقدح في الماء وقال أشهد أن هذا أحسن مما سمعت فهل غير هذا قال نعم * وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شساء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط يهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بشس الشراب وساءت مرتفقا}(2) فوقعت في قلبه موقعا فرمى ظرف الشراب بما فيه في الماء وكسر العود ثم قال يا فتى أههنا فرج قال نعم قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم(2) فصاح صيحة عظيمة وخر مغشيا عليه فنظروا فإذا هو قد فارق الدنيا رحمه الله وكان رجلا معروفا فحمل إلى منزله واجتمع الناس فما رأيت جنازة اكثر جماعة من جنازته رحمه الله تعالى، قال وبلغنى أن الجارية المغنية تدرعت الشعر فوق الصوف وجعلت تصوم النهار وتقوم الليل فمكثت أربعين يوما ثم مرت بهذه الآية في (1) سورة النساء الآية 77، 28 (2) سورة الكهف الآية 29.

(3) سورة الزمر الآية 53.

مخ ۱۳۹