[19_2]
أين الأهيل أصيحابي بنو أدبي ... يا حسرتي لفراق الأهل والخول
ففي تذكرها زاد الغرام وكم ... قد زدت وجدا بذكرى عيشها الخضل
لله إذ كنت فيها في صفا وهنا ... وطيب عيش مضى أحلى من العسل
إذ كنت من حادث الأيام في دعة ... مصان من كل سوء حائز الأمل
مبلغا من لدن دنياي كل هنا ... مؤملا كل صفو غير منتقل
العيش فيها لذيذ قد حلا وغلا ... ونلت فيها منى خال من الزلل
والدهر قد ضمنت أيامه جللا ... وأكمنت لي ليالي السود للجلل
فما شعرت بغدر الدهر من سفه ... وما انتبهت له حتى تنبه لي
فصار يلفظني أيدي سبا حنقا ... على معاملتي إياه في الأزل
يوما بحزوى ويوما بالعقيق وبال ... حزون يوما ويوما ذروة الجبل
والعز يوما ويوما رفعة وعلا ... والذل يوما ويوما رتبة السفل
فانحل عقد اصطباري لوعة وغدا ... صحيح حالي محل الفكر والعلل
فصرت لا أهتدي من عظم غائلتي ... إلى طريق الهدى للختل والغيل
أبيت حلف السها والعجز يبعدني ... عن السهاد ملي القلب من وجل
كيف الوصول وهذا الدهر يقعدني ... عن النهوض إلى لذاتنا الأول
بذلت جهدي ولم تنفع مجاهدتي ... واحتلت فيه فلم تنفع به حيلي
ظللت في الروم حيرانا وذا كمد ... وذا أسى وجوى أرعى مع الهمل
فلا صديق يرجى يوم حادثة ... ولا أخل ثقة ينفعك في جلل
فالشهم ذو المجد من يعرف حقيقته ... ولم يكل أمره للعجز والكسل
(وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل)
فالدهر ذو الغدر لا يصفو إلى أحد ... فدع مكائده للغدر واعتزل
فكم صفا قبلنا للطالبين له ... أيام حتى أخذهم غير محتفل
مخ ۱۹