اجتهدت في تحريره واختصاره وتهذيبه وإيضاحه، مؤملًا من الله جزيل الثواب، وأن يحشرني في زمرة نبيه محمد سيد الأحباب. واقتصرت فيه على قول واحد، وهو ما اعتمده وصححه معظم الأصحاب، وما عليه الفتوى عند الأئمة المحققين الأنجاب، وسميته "كافي المبتدي من الطلاب"، لأنه بمعونة الملك الوهاب، اشتمل على ما يغني عن التطويل والإطناب. والله أسأل أن ينفع به إنه النافع لمن اتقى وأناب. وما توفيقي إلا بالله
ــ
القرآن، وكتب من علم العربية ما اطلع به على كثير معاني كلام الله ﷿. وتوفي ببغداد يوم الجمعة لنحو ساعتين من النهار لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين، والمشهور من ربيع الآخر، وله سبع وسبعون سنة، وأسلم يوم موته عشرون ألفًا من اليهود والنصارى والمجوس، وفضائله كثيرة ومناقبه شهيرة.
(اجتهدت) الاجتهاد في الاصطلاح استفراغ الفقيه وسعه لدرك حكم شرعي، أي بذلت وسعي (في) تنقيح هذا المختصر و(تحريره) أي تهذيب مسائله (واختصاره) بعدم تطويله (وتهذيبه) وإيجازه (وإيضاحه. مؤملًا) أي راجيا (من الله) تعالى (جزيل الثواب و) مؤملًا (أن يحشرني) في (زمرة نبيه محمد) ﷺ (سيد الأحباب. واقتصرت فيه) أي هذا المختصر (على قول واحد) من غير تعرض للخلاف طلبًا للاختصار، وكذلك صنعت في شرحه غاية (و) القول الواحد (هو ما اعتمده وصححه) ورجحه (جل) أي معظم (الأصحاب) من أئمة المذهب، منهم العلامة القاضي علاء الدين المرداوي. واقتصرت فيه على قول (و) هو (ما عليه الفتوى عند الأئمة) المقتدى بهم (المحققين الأنجاب. وسميته) أي هذا المختصر (كافي المبتدي من الطلاب) لمسائل الفقه (لأنه) أي هذا المختصر (بمعونة الملك) الذي تنفذ مشيئته في ملكه وتجري فيه الأمور على ما يشاء (الوهاب) العاطي بلا عوض، (اشتمل) هذا المختصر (على ما يغني عن التطويل والإطناب) ضد الاختصار، (والله أسأل) أي لا غيره، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر: ومن ذلك قوله تعالى -إياك نعبد وإياك نستعين- أي نخصك بالعبادة والاستعانة، وكذا هنا خصه تعالى وطلب منه (أن ينفع به) أي هذا المختصر طالب الاستعانة (إنه) تعالى (النافع لمن اتقا) هـ (وأناب) إليه.
(وما توفيقي) والتوفيق خلق القدرة على الطاعة في العبد والداعية إليها (إلا بالله
1 / 20