الروض المعطار په خبر د اقطارو په اړه
الروض المعطار في خبر الأقطار
پوهندوی
إحسان عباس
خپرندوی
مؤسسة ناصر للثقافة-بيروت
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٩٨٠ م
د خپرونکي ځای
طبع على مطابع دار السراج
فهدمها الطوفان وبقيت مهدمة إلى مدة إبراهيم وإسماعيل ﵉ فأمرهما الله تعالى ببنيانها فتعاونا على بنائها. ومياه مكة زعاق لا تسوغ لشارب وأطيبها ماء زمزم وهو شروب لا يمكن إدمان شربه، وليس لصاحب مكة عسكر خيل إنما هم الرجالة تسمى الحرابة. ولمكة موسمان ينفق فيهما كل ما جلب إليها، أحدهما أول رجب، والثاني موسم الحجيج، ولأهلها أموال فاشية ولا زرع بها ولا حنطة إلا ما جلب إليها من سائر البلاد. والتمر يأتي إليها كثيرا مما حولها والعنب يجلب إليها من الطائف. ومن مكة إلى المدينة على الجادة نحو عشر مراحل (١) .
وعن وهب بن منبه قال: إن الله تعالى لما أهبط آدم ﵇ إلى الأرض حزن واشتد بكاؤه على الجنة فعزاه الله تعالى بخيمة من خيام الجنة فوضعها له بمكة في موضع الكعبة وكانت الخيمة ياقوتة حمراء من ياقوت الجنة فيها قناديل من ذهب ونزل معها الركن وهو ياقوتة بيضاء وكان كرسيًا لآدم ﵇ يجلس عليه، فلما كان الغرق زمن نوح ﵇ رفع ومكثت الكعبة خرابًا ألفي سنة حتى أمر الله تعالى إبراهيم ﵇ أن يبني بيته فبنى هو وإسماعيل البيت ولم يجعلا له سقفًا وحرس الله تعالى البيت بالملائكة، والحرم مقام الملائكة يومئذ، وهو أول بيت وضع للناس، وبنته قريش قبل مبعث النبي ﷺ بخمس سنين.
وفي خبر آخر أن البيت انهدم بعد إبراهيم ﵇ فبنته العمالقة ثم انهدم فبنته جرهم ثم انهدم فبناه قصي بناء لم يبن أحد مثله.
ثم احترقت (٢) الكعبة واحترق الركن الأسود وضعفت جدرانها حتى إن الحمام ليقع عليها فتتناثر حجارتها، ففزع أهل مكة لذلك والحصين بن نمير محاصر لابن الزبير ﵄، فهدمها ابن الزبير بعد مشاورة الناس واختلافهم عليه، فلما أراد هدمها خرج أهل مكة إلى منى خوف أن ينزل العذاب وما اجترأ على هدمها أحد، فعلاها ابن الزبير بنفسه وأخذ المعول وجعل يهدمها ويرمي حجارتها، فلما رأوا أنه لم يصبه شيء اجترءوا وهدموا وأرقى ابن الزبير ﵄ عبدًا من الحبش يهدمها رجاء أن يكون فيهم صفة الحبشي الذي روي أن النبي ﷺ قال: " يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة "، فما ترجلت الشمس حتى ألحقها كلها بالأرض. وقال ابن الزبير ﵄: أشهد لسمعت عائشة ﵂ تقول: قال رسول الله ﷺ: " إن قومك استقصروا في بناء الكعبة وعجزت بهم النفقة فتركوا في الحجر أذرعًا ولولا حداثة عهد قومك بالكفر لهدمت الكعبة وأعدت ما تركوا منها ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض، وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها " قالت، قلت: لا. قال ﷺ: " تعززًا لئلا يدخلها إلا من أرادوا فكان الرجل إذا كرهوا أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد يدخل دفعوه فسقط فإن بدا لقومك هدمها فهلمي لأريك ما تركوا في الحجر منها " فأراها قريبًا من سبع أذرع، فلما هدمها ابن الزبير ﵄ وسواها بالأرض وكشف عن أساس إبراهيم ﵇ وجد داخلًا إلى الحجر نحوًا من ست أذرع وشبر كأنه أعناق الإبل آخذ بعضها ببعض كتشبيك الأصابع تحرك الحجر من القواعد فتتحرك الأركان كلها، فأشهد ابن الزبير ﵄ الناس على ذلك الأساس وأدخل بعضهم عتلة في ركن من أركان البيت فتزعزعت الأركان كلها ورجفت مكة رجفة شديدة حين تزعزع الأساس وخاف الناس خوفًا شديدًا حتى ندم من أشار على ابن الزبير بهدمها وسقط في أيديهم، ثم وضع ابن الزبير ﵄ البناء على ذلك الأساس، ولما قتل ابن الزبير ﵄ ودخل الحجاج مكة كتب إليه عبد الملك أن ابن الزبير قد زاد في بيت الله ما ليس فيه وأحدث بابًا آخر، فهدم الحجاج منه ست أذرع وشبرًا مما يلي الحجر وبناها على أساس قريش، وآخر من زاد في الكعبة أمير المؤمنين المهدي سنة أربع وستين ومائة فهو على ذاك الآن، وهذا باب يتسع القول فيه فليقتصر على هذا القدر.
بلنجر (٣)
مدينة في بلاد الروم شهد فتحها جماعة من الصحابة ﵃، قال زهير بن القين البجلي: غزوت بلنجر وشهدت فتحها فسمعت سلمان الفارسي ﵁ يقول: أفرحتم بفتح الله تعالى عليكم فإذا أدركتم شباب آل محمد ﷺ فكونوا أشد فرحًا بقتالكم معهم، فلما سمع زهير بخروج الحسين بن علي ﵄ تلقاه فكان في جملته وقتل معه بكربلاء، وكان عمر ﵁ جعل سلمان بن ربيعة الباهلي، وهو الذي كان يلي لعمر ﵁ الخيل وهو سلمان الخيل، على مقاسم مغانم
(١) إلى هنا ينتهي النقل عن نزهة المشتاق. (٢) البكري (مخ): ٧١. (٣) انظر ياقوت (بلنجر) وفتوح البلدان: ٢٤٠، والطبري ١: ٢٢٨٩.
1 / 94