روض البیان
روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن
ژانرونه
أما قول القائل لم يزل ناهيا، فمنعه بعض أصحابنا لإيهامه أن في الأزل مأمورا ومنهيا، وأجازه البعض بتأويل أنه تعالى قادر أن يأمر وقادر أن ينهي كما سيأتى :
66 وكذاك فعل الله أيضا مطلقا وكلامه الفعلي كالأبدان
67 وكذا الخطاب وروحه عيسى وما اعدامه في حيز الإمكان
68 أثر وتأثير فكل محدث خلق لمولى خالق منان
أي، وكما أن أمره تعالى ونهيه مخلوقان فكذلك مفعوله تعالى مطلقا مخلوق لأن كل مفعول ( فهو ) مخلوق، وكذا كلامه الفعلي مخلوق أيضا. فهو في الخلق مثل الأجسام، لا فرق بينهما، وكونه أشرف منها وأفضل لا يستلزم أن يكون مخالفا لها في الخلق . فإن هذه المخلوقات كما تعلم بالضرورة متفاضلة وليست أفضلية الأفضل منها موجبة له في الخلق حكما يخالق حكم المفضول، وكذلك أيضا خطابه تعالى مخلوق، وكذلك أيضا روحه عيسى عليه السلام خلافا للنصارى في زعمهم ألوهيته، أو إنه ابن الله -تعالى الله عن ذلك- وكذلك كل ما أمكن إعدامه فهو مخلوق، لأن كل ما أمكن عدمه استحال قدمه. فهذه الأشياء كلها مما عدا الباري -عز وجل- إما فعل وإما مفعول، وكلها محدثة بعد عدم وكلها خلق لخالق منفرد بالوحدانية .
وقوله وكذاك فعل الله: أي مفعوله تعالى، ففيه إطلاق المصدر على المفعول .
وقوله وكلامه الفعلي: أحترز به عن الكلام الذاتي لأنه معنى اعتباري والمعاني الاعتبارية لا وجود لها في الخارج، وكل مالا وجود له في الخارج فلا يوصف بالخلق ولا بعدمه .
وقوله كالأبدان : أي الأجسام وفيها إشارة إلى قول صاحب تلك النونية:
أو أن يقال الله خالق نفسه وكلامه كالخلق للأبدان
حيث ساوى بين كلامه وذاته تعالى، والمساواة باطلة لما تقدم من البرهان، بل مساواة الكلام الفعلي للأبدان في الخلق هو الحق كما عليه المصنف.
وقوله وكذا الخطاب : أصل الخطاب توجيه الكلام نحو الغير للأفهام ثم اشتهر استعماله في الكلام المخاطب به والمراد به هنا : خطاب الله لخلقه.
مخ ۱۲۰