128

روض البیان

روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن

ژانرونه

ومن الذي فرض الفرائض آمرا ... بحدودها ونهى عن العصيان وجوابه : أن المنادي بذلك هو الله ، بمعنى أنه ملق نداء يفهم وأن المخاطب بذلك هو الله بمعنى أنه وجه ذلك الكلام إلى العباد وأن الذي فرض الفرائض هو الله والناهي هو الله ، وأن القرآن منادى به ومخاطب به ومفروض فيه ومنهي به ومنها قوله :

ولديه أنباء بما هو كائن ... أو كان أو سيكون في الأزمان

وجوبه : إن كون القرآن فيه بعض العلوم الغيبية لا يوجب قدمه ، كيف ؟ وقد تواتر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخبر عن بعض العلوم الغيبية فيلزمه قدمه أيضا ومنها قوله :

ولئن رجعت إلى ابن مريم سائلا ... عن خبر كلمته بلا أكنان

أمهدت لبك علم ذلك أنه ... من كن مشيئته قاهر سلطان

وبيانه : أنه لما رأى الخصم محتجا عليه بقوله تعالى في عيسى عليه السلام . وكلمته ألقاها إلى مريم قائلا : أنه تعالى وصف عيسى بأنه كلمته كما وصف القرآن بأنه كلامه ، فيلزم قدم عيسى إن قلتم بقدم القرآن لاتحاد العلة ، فأجاب : بأنه أراد بكلمته في عيسى هي - كن - الكائنة عبارة عما في مشيئته تعالى .

وجوابنا له : أن نقول وكذلك أيضا : القرآن إنما أضيف إليه بأنه كلامه لتشريفه وتجليه ، فكما صح أن يعبر بالكلمة في عيسى عن إرادة وجوده صح أن يضاف القرآن إليه ، فيقال كلامه على وجه التشريف والتجليل ، أي فلا يلزم من إضافة الكلام إليه ، قدم الكلام كما لا يلزم من إضافة الكلمة إليه في عيسى قدم عيسى ومنها قوله :

لم يعد أن يك بين خلق سمائه ... ... والأرض مخلوقا بلا نقصان

وجوابه : أنه لا يلزمنا تعيين محل الخلق ، فكثير من خلق الله تعالى لا ندري نحن أين محل خلقه ؟ وجهلنا بمحل خلقهم لا يوجب قدمهم . ومنها قوله :

ما باله إذ قال لم أخلقهما ... ... إلا بحق ثابت الأركان

مخ ۱۶۴