الزمان متفردًا بالدعوة إلى الطريقة السنيّة، فخالف أهله وأهل بلده ومذهبه (١)، فتناولته الألسنة البذيّة من أعداء السنة النبوية، ورموه عن قوس واحدة، فصاولهم وصاولوه، وجالدهم وجالدوه، إلا أنه احتسب ذلك كله جهادًا في الله، «فلم تفزعه فيه ظلل الوشيج، ولم يجزعه فيه ارتفاع النشيج؛ مواقف حروب باشرها، وطوائف ضروب عاشرها، وأصناف خصوم لدّ اقتحم معها الغمرات، وواكلها مختلف الثمرات، وقطع جدالها قويّ لسانه، وجلادها شبا سنانه، قام بها وصابرها، بُلي بأصاغرها، وقاسا أكابرها، وأهل بدع قام في دفاعها، وجاهد في حطّ يفاعها، ومخالفة ملل بيّن لها خطأ التأويل، وسقم التعليل، وأسكت طنين الذباب في خياشم رؤوسهم بالأضاليل حتّى ناموا في مراقد الخضوع، وقاموا وأرجلهم تتساقط للوقوع، بأدلة أقطع من السيوف، وأجمع من السجوف، وأجلى من فلق الصّباح، وأجلب من فلق الرّماح:
إذا وثبت في وجه خطب تمزّقت
على كتفيه الدّرع وانتثر السّرد» (٢).
وقد كان المؤلف ابتدأ جوابه بكتابه الموسوعي العظيم «العواصم والقواصم»، ثم اختصره واعتصره في هذا الكتاب، فرتّب
_________
(١) «فتح الخالق»: (ق/١١١) للصنعاني، نسخة الجرافي.
(٢) اقتباس من كلام العلامة المنشىء أحمد بن يحيى بن فضل الله العمري (٧٤٩هـ) في الثناء على شيخ الإسلام ابن تيمية -رحم الله الجميع- في كتابه «مسالك الأبصار» (مخطوط).
المقدمة / 7