Rawd al-Mumt'i fi Takhreej Ahadeeth al-Rawd al-Murabba
روضة الممتع في تخريج أحاديث الروض المربع
خپرندوی
مكتبة الرشد
د ایډیشن شمېره
الأولي
د چاپ کال
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
د خپرونکي ځای
السعودية - الرياض
ژانرونه
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا مِنْهُ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧٠) [الأحزاب: ٧٠، ٧١].
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد رسول الله ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة .. (١). (^١) ـد:
فإن كتاب «الروض المربع»، للشيخ الحنبلي منصور بن يونس بن صلاح البهوتي، المتوفى سنة (١٠٥١ هـ)، هو شرح زاد المستقنع، للعلامة شرف الدين أبو النجا موسى بن أحمد بن سالم المقدسي الحجاوي، المتوفى يوم
_________
(^١) جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الجمعة (١/ ٢٣٤) برقم (٨٦٧) من حديث جابر بن عبد الله ﵁. بلفظ: مختصر. وللحديث طرق أخرى.
1 / 5
الخميس الثاني عشر، من ربيع الأول سنة (٦٩٠ هـ).
ويعتبر من أهم وأفضل شروح زاد المستقنع، وقد لقي قبولا بين العلماء، وطلبة العلم، وعامة الأمة، وبفضل من الله وتوفيقه، يسر الله لنا تخريج أحاديثه، بكتاب سميته (روضة الممتع في تخريج أحاديث الروض المربع).
وقد حرصت أن يكون التخريج متوسطا، بين الإطالة المملة، والاختصار المخل.
وكان منهجي العام في التخريج على النحو التالي:
١ - عزو الحديث إلى من رواها من الأئمة المصنفين.
٢ - جمع طرق الحديث.
٣ - دراسة حال الرواة.
٤ - الكلام على الإسناد، وما فيه من علل.
٥ - جمع أقوال الأئمة، في الحكم على الحديث، خصوصا المتقدمين.
٦ - ذكر الشواهد للحديث.
٧ - ذكر جملة من الفوائد والتنبيهات المهمة، التي يقتضي الحال التنبيه عليها.
التوضيح:
أقوم أولًا بعزو الحديث إلى مضانه الأصلية، مستفيدًا من تخريجاتي للكتب السابق، والغالب في العزو وفق الطبعات المعتمدة، ثم دراسة الرجال وفق أقوال الأئمة، وقد حرصت على كتاب التقريب، لأنه هو الخلاصة، وحرره الحافظ ابن حجر تحريرًا بالغًا، ثم دراسة الإسناد وفق أقوال الأئمة، وقد حرصت على أحكام الأئمة المتقدمين، ولم نهمل أقوال المتأخرين
1 / 6
﵏، ثم بيان الاختلاف في الإسناد، والعلل، وقد أقدم الكلام على الأسانيد إذا كان اختلاف الطرق هو علة الحديث، ثم نقل أقوال الأئمة في الحكم على الحديث. وقد حاولت تحييد حكمي على الحديث خصوصًا، والاحتفاظ به لخاصة نفسي، لعلمي بضعف حالي وقلة علمي، وقصور بحثي.
ومن باب إسناد الفضل إلى أهله والعلم إلى مسنده، فقد استفدت من مجموعة من الكتب فائدة كبيرة خصوصًا في الآثار مثل كتاب: التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل، للشيخ: صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وكتاب: التحجيل في تخريج ما لم يخرج في إرواء الغليل، للشيخ: عبد العزيز بن مرزوق الطّريفي، وأيضًا استفدت من تخريجات الروض، فقد كانت هناك محاولات لتخريج الروض، وفيها اختصار، وإجمال، وغلب فيها جانب العزو. مثل تخريج الروض لمجموعة من العلماء، منهم شيخنا الشيخ خالد المشيقح، وشاركه مجموعة من مشائخنا الفضلاء. ومن كتاب القول الممتع في تخريج أحاديث الروض المربع للشيخ: سعيد الغامدي.
أما في العزو، فقد استفدت من كتب التخريج وكتب السنة، والمكتبات الشاملة، ومن الجوامع مثل: جامع المسند والمسانيد، وجامع الأصول لابن الأثير، ومن كتاب المسند الجامع لمجموعة من العلماء المعاصرين.
تنبيه:
لما كان الحكم على الحديث من الأمور العظيمة، التي لا تتهيأ إلا للعلماء، الراسخين في العلم، وما أقلهم في هذه الأزمان، ونظرا للفرق
1 / 7
الواسع، والبون الشاسع، بين الباحث المبتدئ كحالنا، والعالم الراسخ، سلكت منهج الهيثمي وغيره من الأئمة، في الحكم على ظاهر الإسناد.
وأقول أحيانا: ظاهر إسناده الصحة، احتياطا.
وحيث إن تصحيح الحديث، يبنى عليه أحكام وفتاوى، فقد اجتهدت أن لا أحكم على حديث بالصحة إلا إذا سبقني إليه إمام عالم معتبر، وكانت القرائن تقتضي التصحيح. وإن اختلف العلماء، اجتهدنا في النظر في ترجيح القرائن. ونحكم على ظاهر الإسناد.
أما الضعف فالأمر فيه ظاهر، والدليل على ضعفه، في الغالب واضح.
أما الآثار، فالأمر فيها واسع، وقد حاولت جاهدًا تطبيق قواعد التصحيح والتضعيف، على الآثار خصوصًا في المسائل المهمة. والغالب على منقولات التفسير المراسيل، يرى ذلك جليًا في مصنف عبد الرزاق، وابن أبي شيبة.
وقد جعلت حلة بحثي، وحسنه، والعمدة فيه، هو نقل أقوال الأئمة المتقدمين، الراسخين في العلم، أو من شهدت لهم الأمة بالعلم والإمامة، وقد يكونوا معاصرين لهذه الأزمان مثل الشيخ ابن باز والألباني رحمهما الله، وأسكنهما الفردوس الأعلى، لأن أقوالهم مباركة، وأحكامهم راسخة.
إقرار ووصية:
قد أذنت بالاستفادة من هذا الكتاب، وجميع كتبي، بالنقل الكامل، والاختصار، والتعقب، وحقوق طباعة كتبي لكل مسلم، فقد أذنت لطباعة كتبي للمكتبات، ودور النشر وللتوزيع الخيري وللأفراد، ولنا في هذا قدوة، فقد أجاز النووي في آخر كتاب الأذكار رواية ونشر كتابه لجميع المسلمين.
1 / 8
كما أنبه أن هذا الكتاب وجميع كتبي فيها من الملاحظات، ولأخطاء الكثيرة، وقد راجعت هذا الكتاب عدة مرات، وفي كل مرة أجد ما أتعجب منه، ولولا أنه دخلنا المشيب، وخشية إدراك المنية، لما أخرجته ..
لكن ها أنا اليوم أخرجه متوكلًا على الله، وعذري أنني حاولت أن أكون مجرد جامع لكن من يدخل في هذا العلم لا بد أن يخوض في بحوره، خصوصًا أنه كتاب لا يقرأه إلا المتخصص الذي يميز الخطأ من الصواب.
أخيرًا: نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه،
وأن يبارك فيه، وأن يعفو عن خطأنا وزللنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمدًا،
وعلى آله وصحبه
أجمعين.
1 / 9
(١) كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه، ببسم الله الرحمن الرحيم، فهو أبتر. وفي رواية: بالحمد لله.
أخرجه الخطيب في أخلاق الراوي والسامع - حديث (٢٣٤٢)، والسبكي في طبقات الشافعية (١/ ٤٣)، كلاهما من طريق أحمد بن محمد بن عمران، حدثنا محمد بن صالح البصري بها، حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك، حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، حدثنا مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن، الرحيم فهو أقطع.
قلت: إسناده ضعيف، لأن في إسناده، أحمد بن محمد، المعروف بابن الجندي، قال الخطيب في تاريخ بغداد (٥/ ٧٧): كان يضعف في روايته ويطعن في مذهبه. اهـ. وقال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (٢٥٠): أحمد بن محمد بن عمران يظهر أنه ابن موسى أبو الحسن النهشلي ويعرف بابن الجندي. قال الخطيب كان يضعف في رواياته ويطعن في رواياته ويطعن عليه في مذهبه سألت عنه الأزهري فقال ليس بشيء. اهـ.
وقال الذهبي المغني عن الضعفاء (٤٣٧): أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي أبو الحسن من آخر أصحاب ابن صاعد ضعيف عندهم شيعي .. اهـ.
وذكر العظيم آبادى في عون المعبود (١٣/ ١٢٧)، الحديث، وقال: وهو حديث حسن. اهـ.
ونقل الحافظ ابن حجر في لسان الميزان قول الذهبي (٨٥٢): أحمد بن محمد بن عمران أبو الحسن بن الجندي كان آخر من بقي ببغداد من أصحاب
1 / 10
ابن صاعد شيعي قال الخطيب كان يضعف في روايته ويطعن عليه في مذهبه قال لي الأزهري ليس بشيء قلت روى عنه خلق يروى عن البغوي انتهى ثم قال: وقال العتيقي كان يرمي بالتشيع وأورد بن الجوزي في الموضوعات في فضل علي حديثا بسند رجاله ثقات إلا الجندي فقال هذا موضوع ولا يتعدي الجندي. أ. هـ.
وقال الألباني في الإرواء (١/ ٢٩): وهذا سند ضعيف جدا، آفته ابن عمران هذا، ويعرف بابن الجندي، ترجمه الخطيب في تاريخه وقال (٥/ ٧٧): كان يضعف في روايته، ويطعن عليه في مذهبه (يعني التشيع)، قال الأزهري: ليس بشيء. وقال الحافظ في اللسان: وأورد ابن الجوزي في الموضوعات، في فضل علي، حديثا بسند رجاله ثقات، إلا الجندي، فقال: هذا موضوع ولا يتعدى الجندي.
ومحمد بن صالح بن مهران البصري أبو جعفر بن النطاح الهاشمي أبو التياح بالمثناة والتحتانية الثقيلة صدوق أخباري. كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب (٥٩٨٦).
وعبيد بن عبد الواحد بن شريك ذكره ابن حبان في الثقات (١٤١٢٣). وقال ابن حجر في اللسان (٢٥٥): كان ثقة صدوقا. أ. هـ. وقال الخطيب في تاريخ بغداد ١١/ ٩٩: قال أبو مزاحم وكان أحد الثقات ولم أكتب عنه في تغيره شيئا. أ. هـ. ونقل الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٣/ ٣٦٥ قول الدارقطني: كان صدوقًا. أ. هـ.
وروي مرسلا، عن أبي سلمة، عن النبي ﷺ.
قال النسائي: والمرسل أولى بالصواب .. اهـ.
1 / 11
الحديث روي عن أبي هريرة مسندا على أربعة ألفاظ: ببسم الله، كما سبق، وبحمد الله، بالحمد، بذكر الله.
أما لفظ: (بحمد الله)، ورواية: (بالحمد فهو أقطع)، فقد رواه أبو داود (٤٨٤٢) قال: حدثنا أبو توبة قال: زعم الوليد، عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: كل كلام، لا يبدأ فيه بالحمد لله، فهو أجذم.
قال أبو داود: رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز، عن الزهرى، عن النبي ﷺ مرسلا. اهـ.
قلت: أبا توبة، الربيع بن نافع أبو توبة الحلبي نزيل طرسوس ثقة حجة عابد كما في التقريب (٣٢٤٥). لكن شيخه الوليد بن مسلم القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية خصوصًا عن الأوزاعي. وقوله (زعم) في الإسناد يظهر أن في هذا الإسناد شيء.
ورواه ابن ماجه (١/ ٦١٠) - النكاح- باب خطبة النكاح- حديث (١٨٩٤) من طريق قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه بالحمد أقطع.
قال أبو داود: رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز، عن الزهرى، عن النبي ﷺ مرسلا. اهـ.
وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص ٣٤٥) حديث (٤٩٤)،
وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (١/ ١٠٢)، حديث (١، ٢)، والدارقطني في سننه (١/ ٢٢٩) - الصلاة حديث (١)، والبيهقي (٣/ ٢٠٩) - الجمعة- باب ما يستدل به على وجوب التحميد في خطبة الجمعة، من
1 / 12
حديث أبي هريرة.
وعزاه النووي في الأذكار (١٠٣)، والحافظ ابن حجر في فتح الباري (٨/ ٢٢٠): لأبي عوانة في مستخرجه، على صحيح مسلم.
قلت: الحديث مداره على قرة بن عبدالرحمن، صدوق له مناكير، قال الذهبي في الميزان (٦٨٨٦): قرة بن عبدالرحمن بن حيوئيل. خرج له مسلم في الشواهد. وقال الجوزجانى: سمعت أحمد يقول: منكر الحديث جدا. وقال يحيى: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بقوى .. اهـ. ومنهم من حسن حديثه، ولهذا حسن الحديث ابن الصلاح، والنووي، والعراقي، والحافظ ابن حجر، كما في الفتوحات الربانية على الأذكار النووية لابن علان (٣/ ٢٨٨ و٦/ ٦٣).
وقد تفرد برواية الحديث، قرة بن عبدالرحمن المعافري، عن الزهري، وقرة لا يحتج به إلا في روايته، عن الزهري، لأنه ضعيف من قبل حفظه. وروايته، عن الزهري موثقة، قال الأوزاعي: ما أحد أعلم بالزهري منه. اهـ.
وقد اضطرب في لفظه، قال النووي في شرح مسلم (١/ ٤٠): وفي رواية بحمد الله، وفي رواية بالحمد فهو أقطع، وفي رواية أجذم، وفي رواية لا يبدأ فيه بذكر الله، وفي رواية ببسم الله الرحمن الرحيم، روينا كل هذه، في كتاب الأربعين، للحافظ عبدالقادر الرهاوي، سماعا، من صاحبه الشيخ أبي محمد عبدالرحمن بن سالم الأنباري عنه، وروينا فيه أيضا، من رواية كعب بن مالك الصحابي ﵁، والمشهور، رواية أبي هريرة، وهذا الحديث، حسن، رواه أبو داود وابن ماجه في سننهما، ورواه النسائي في كتابه عمل اليوم والليلة، روي موصولا ومرسلا ورواية الموصول إسنادها جيد. اهـ.
1 / 13
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٨/ ٢٢٠): في إسناده مقال، وعلى تقدير صحته، فالرواية المشهورة فيه بلفظ: حمد الله، وما عدا ذلك من الألفاظ التي ذكرها النووي، وردت في بعض طرق الحديث، بأسانيد واهية. اهـ.
ولهذا قال الألباني في الإرواء (١/ ٣١): ومما يدلك على ضعفه، زيادة على ما تقدم، اضطرابه فى متن الحديث، فهو تارة يقول: أقطع، وتارة يقول: أبتر، وتارة: أجذم، وتارة: يذكر الحمد، وتارة يقول: بذكر الله. ولقد أضاع السبكى جهدا كبيرا، فى محاولته التوفيق بين هذه الروايات، وإزالة الاضطراب عنها، فإن الرجل ضعيف كما رأيت، فلا يستحق حديثه مثل هذا الجهد! وكذلك لم يحسن صنعا، حين ادعى أن الأوزاعي تابعه، وأن الحديث يقوى بذلك؛ لأن السند إلى الأوزاعي ضعيف جدا، كما تقدم بيانه فى الحديث الذى قبله، فمثله لا يستشهد به، كما هو مقرر فى مصطلح الحديث. وقد رواه أحد الضعفاء الآخرين، عن الزهري بسند آخر، أخرجه الطبراني من طريق عبدالله بن يزيد، حدثنا صدقة بن عبدالله، عن محمد بن الوليد، عن الزهري، عن عبدالله بن كعب بن مالك، عن أبيه مرفوعا. اهـ.
ورواية الوليد، عن الأوزاعي فيها مبحث.
وروي مرسلا:
فقد أخرجه الطبراني في الكبير (١٩/ ٧٢) حديث (١٤١) من حديث كعب بن مالك الأنصاري مرفوعا، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة حديث (٣٤٥، ٣٤٦)، وحديث (٤٩٥، ٤٩٦) من حديث الزهري مرسلا.
وأما لفظ: أبتر، أو قال: اقطع. فقد أخرجه أحمد (٢/ ٣٥٩) برقم
1 / 14
(٨٦٩٧) من طريق يحيى بن آدم، ثنا ابن مبارك، عن الأوزاعي، عن قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: كل كلام، أو أمر ذي بال، لا يفتح بذكر الله ﷿، فهو أبتر، أو قال: اقطع.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه قرة بن عبدالرحمن وهو ضعيف كما سبق.
وأخرجه عبد الرزاق في الجامع (١١/ ١٦٣) حديث (٢٠٢٠٨) من حديث معمر، عن رجل من الأنصار بنحوه.
قلت: في إسناده راو لم يسم.
الخلاصة:
المشهور في الحديث الإرسال ورجحه النسائي كما في تحفة الأشراف ١٣/ ٣٦٨، وقال الدارقطني كما في العلل ١/ ٢٢٩، و٨/ ٢٩: والصحيح، عن الزهري المرسل. أهـ.
وتقرر عند العلماء مراسيل الزهري ضعيفة، كما جزم بذلك الشافعي، ويحيى بن سعيد القطان، وابن معين كما في شرح العلل لابن رجب ٨/ ٢٩.
* * *
1 / 15
(٢) وروي: من صلى علي في كتاب الله، لم تزل الملائكة تستغفر له، ما دام اسمي في هذا الكتاب.
رواه الطبراني في الأوسط (١٨٣٥)، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا إسحاق بن وهب العلاف، قال: حدثنا بشر بن عبيدالله الدارسي، قال: حدثنا ابن يزيد بن عياض، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة تستغفر له، ما دام اسمي في ذلك الكتاب.
قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث، عن أبي هريرة، إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسحاق. اهـ.
ورواه الخطيب، كما في شرف أصحاب الحديث (٥٩) قال: أخبرني أبو طالب مكي بن علي بن عبد الرزاق الحريري، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، إملاء، قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن محمود المقرئ، قال: حدثنا محمد بن مهران النيسابوري، قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن حميد البصري، بمكة، قال: حدثنا بشر بن عبيد، قال: حدثنا حازم بن بكر أبو علي، قال: حدثنا يزيد بن عياض، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة تستغفر له، مادام اسمي في ذلك الكتاب. قال بشر بن عبيد: وحدثنا محمد بن عبدالرحمن القرشي، عن عبدالرحمن بن عبد الله، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ بمثله.
قلت: بشر بن عبيد الدارسي متهم، أبعد ابن حبان فذكره في الثقات
1 / 16
(١٢٦٤٥). وقال الذهبي في الميزان (١/ ٣٢٠): كذبه الأزدي، وقال ابن عدي: منكر الحديث. اهـ.
لهذا قال الهيثمى (١/ ١٣٧): فيه بشر بن عبيد الدارسي، كذبه الأزدي وغيره. اهـ.
وأيضا يزيد بن عياض منكر الحديث. ذكره البخاري في التاريخ الكبير ٨/ ٣٥١ وقال: منكر الحديث. اهـ. وأتهمه الإمام مالك كما في الجرح والتعديل ٩/ ٢٨٣.
وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة (٤٢): حديث من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة تستغفر له، ما دام اسمي في ذلك الكتاب، في إسناده من لا يحتج به، وقد روي من طرق ضعيفة جدا. اهـ.
وأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب برقم (١٦٩٧)، والرافعي في التدوين في أخبار قزوين (٢/ ٢٩) من طريقين: عن إبراهيم بن إسماعيل الزاهد، المعروف بالخزاز، عن عبد السلام بن محمد المصري، حدثنا سعيد بن عفير، حدثني محمد بن إبراهيم بن أمية القرشي، عن عبدالرحمن بن عبدالله الأعرج، عن أبي هريرة.
ورواه السمعاني في أدب الاستملاء (ص: ٧٨) قال: حدثنا أبو طالب عبدالكريم بن عبد المنعم بن هبة الله الطرسوسي، من لفظه، بجامع حلب، ثنا والدي، ثنا أبو صالح محمد بن المهذب بن علي المعري، من لفظه، ثنا جدي أبو الحسين علي بن المهذب بن أبي حامد المعري، ثنا أبو بكر محمد بن هارون بن مالك الدينوري، حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن سنان السعدي، ثنا هانئ بن يحيى، ثنا يزيد بن عياض الليثي، عن سعيد المقبري،
1 / 17
عن أبي هريرة.
قال ابن الجوزي في الموضوعات (١/ ٢٢٨): فيه يزيد بن عياض. قال يحيى: ليس بشيء. سئل مالك، عن ابن سمعان، فقال: كذاب، فقيل: فيزيد بن عياض، قال: أكذب، وأكذب. وقال النسائي: متروك الحديث، وفيه إسحاق بن وهب. قال الدارقطني: كذاب متروك، يحدث بالأباطيل. وقال ابن حبان: يضع الحديث. اهـ.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (٢/ ٣٢): وله، عن يزيد بن عياض، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا: من صلى علي في كتاب، لم تزل الملائكة تستغفر له. وهذا موضوع. اهـ.
وروي عن ابن عباس:
أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم (١٦٩٩): من طريق أحمد بن جعفر الهاشمي، عن سليمان بن الربيع، عن كادح بن رحمة، عن نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: من صلى علي في كتاب، لم تزل الصلاة جارية له، ما دام اسمي في ذلك الكتاب.
قلت: كادح بن رحمة متهم، قال أحمد الأصبهاني في الضعفاء (٢٠٠): كادح بن رحمة الزاهد روى عن الثوري ومسعر أحاديث موضوعة روى عنه أبو الربيع الزهراني .. اهـ. وقال ابن حبان يروي عن الثقات المقلوبات حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها فاستحق الترك وقال أبو الفتح الأزدي: هو كذاب .. اهـ.
وقال ابن كثير في تفسيره (٦/ ٤٧٧): وقد ورد في الحديث من طريق كادح ابن رحمة، عن نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:
1 / 18
من صلى علي في كتاب، لم تزل الصلاة جارية له، ما دام اسمي في ذلك الكتاب. وليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة، وقد روي من حديث أبي هريرة، ولا يصح أيضا، قال الحافظ أبو عبدالله الذهبي شيخنا: أحسبه موضوعا. وقد روي نحوه، عن أبي بكر، وابن عباس. ولا يصح من ذلك شيء، والله أعلم. وقد ذكر الخطيب البغدادي في كتابه: الجامع لآداب الراوي والسامع، قال: رأيت بخط الإمام أحمد بن حنبل، ﵀ كثيرا ما يكتب اسم النبي ﷺ، من غير ذكر الصلاة عليه كتابة، قال: وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظا. اهـ.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٦٢): رواه الطبراني وغيره، وروي من كلام جعفر بن محمد موقوفا عليه، وهو أشبه. اهـ.
وقال الألباني في بيان ضعف حديث أبي هريرة وحديث ابن عباس كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة (٣٣١٦): ضعيف جدا. أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (٢/ ٦٩٣/ ١٦٧٠)، والرافعي في تاريخ قزوين (٤/ ١٠٧)، بإسناد فيه من لم أعرفه، عن عبد السلام بن محمد المصري، حدثنا سعيد بن عفير، حدثني محمد بن إبراهيم بن أمية القرشي، عن عبدالرحمن بن عبدالله- الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: … فذكره.
قلت (القائل الألباني): وهذا إسناد ضعيف جدا؛ فإنه مع الجهالة التي أشرت إليها، فإن عبدالسلام بن محمد الراوي، عن سعيد بن عفير، قال الدارقطني: ضعيف جدا، منكر الحديث.
وقال الخطيب: صاحب مناكير. ومحمد بن إبراهيم بن أمية القرشي؛
1 / 19
الظاهر أنه محمد بن إبراهيم القرشي، الذي في الميزان واللسان، عن رجل، وعنه هشام بن عمار؛ قال الذهبي: فذكر خبرا موضوعا، في الدعاء لحفظ القرآن، ساقه العقيلي. ثم ساق له الحديث الآتي برقم (٣٥٩٣)، وذكر الحافظ، عن العقيلي أنه قال فيه: مجهول. قلت: وليس له ذكر في باب (المحمدين) من النسخة المطبوعة. والله ﷾ أعلم. وهو في مخطوطة الظاهرية (ص ٣٦٩)، وليست تحت يدي الآن لأحدد مكانه منها، وإنما نقليه من الحديث المشار إليه آنفا، فقد كنت خرجته وأنا في دمشق. وحديث أبي هريرة هذا، معروف برواية بشر بن عبيد الدارسي؛ وهو مع كونه منكر الحديث، بين الضعف جدا؛ كما قال ابن عدي في الكامل (٢/ ٤٤٧ - ٤٤٨)، وكذبه الأزدي، كما في الميزان واللسان؛ فقد اختلف عليه في إسناده؛ فقال إسحاق بن وهب العلاف: أخبرنا بشر بن عبيدالله الدارسي، قال: أخبرنا حازم بن بكر، عن يزيد بن عياض، عن الأعرج، عن أبي هريرة به. أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (١/ ٩٩/ ١/ ٢٠٢٣ بترقيمي): حدثنا أحمد (يعني بن محمد الصيدلاني البغدادي) قال: أخبرنا إسحاق .. وقال: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسحاق.
قلت (القائل الألباني): وهو ثقة من شيوخ البخاري، وليس من شيوخ الطبراني، خلافا لظن ابن الجوزي في الموضوعات (١/ ٢٢٨)، وإنما العلة من شيخه الدارسي، وقد عرفت حاله. وحازم بن بكر لم أجد له ترجمة. وشيخه يزيد بن عياض كذبه مالك وغيره، فإعلاله به أولى؛ لأن الدارسي قد توبع كما يأتي. وقد رواه محمد بن عبدالله بن حميد البصري- ولم أجد له ترجمة أيضا … أنتهى ما نقله وقاله الألباني.
1 / 20
وعزاه الكناني في تنزيه الشريعة (١/ ٢٦١) للأصبهاني في ترغيبه، من حديث ابن عباس.
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (١/ ٢٢٨).
ولا يصلح حديث ابن عباس شاهدا لحديث أبي هريرة، لأن إسناده واه جدا، فيه كادح بن رحمة، ونهشل بن سعيد كذابان، انظر: تنزيه الشريعة المرفوعة (١/ ٢٦١).
* * *
1 / 21
(٣) وقوله ﷺ: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.
أخرجه مسلم (٧/ ٥٨) برقم (٦٠٠٢)، والترمذي برقم (٣٦٠٥)، وأحمد (٤/ ١٠٧) برقم (١٧١١١)، وفي (١٧١١٢) كلهم من طريق عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم، إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل، بني كنانة، واصطفى من بني كنانة، قريشا، واصطفى من قريش، بني هاشم، واصطفاني، من بني هاشم.
وفي رواية: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش، بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. وفي رواية: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع.
وعند الترمذي بلفظ: (يوم القيامة)، وليس فيه: (ولا فخر).
وروى الترمذي برقم (٣١٤٨، ٣٦١٥)، وأحمد (٣/ ٢) برقم (١١٠٠٠)، وابن ماجه (٤٣٠٨)، كلهم من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدى لواء الحمد ولا فخر، وما من نبى يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائى، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، قال: فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبونا آدم؛ فاشفع لنا إلى ربك. فيقول: إنى أذنبت ذنبا، أهبطت منه إلى الأرض، ولكن ائتوا نوحا. فيأتون
1 / 22
نوحا، فيقول: إنى دعوت على أهل الأرض دعوة، فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقول: إنى كذبت ثلاث كذبات، ثم قال رسول الله ﷺ: ما منها كذبة إلا ماحل بها، عن دين الله، ولكن ائتوا موسى. فيأتون موسى فيقول: إنى قد قتلت نفسا، ولكن ائتوا عيسى. فيأتون عيسى فيقول: إنى عبدت من دون الله، ولكن ائتوا محمدا، قال: فيأتونني فأنطلق معهم.
قال الترمذي: وقد روى بعضهم هذا الحديث، عن أبي نضرة، عن ابن عباس، الحديث بطوله. اهـ.
قلت: علي بن زيد بن جدعان تكلم فيه، قال العجلي في معرفة الثقات (١٢٩٨ - على بن زيد بن جدعان بصرى يكتب حديثه وليس بالقوي وكان يتشيع وقال مرة لا بأس به. اهـ. ولكن للحديث طرق أخرى.
قال الألباني: صحيح. اهـ. كما في صحيح الجامع برقم (١٤٦٨)، وقال في صحيح الترغيب برقم (٣٥٤٣): صحيح لغيره. اهـ. وصححه في صحيح الترمذي برقم (٢٨٥٩)، وصحيح ابن ماجه برقم (٤٣٠٨). وانظر: ضعيف الجامع (١٣١٦).
وأخرجه البخاري (٤/ ١٠٥) - الأنبياء- باب قول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ …﴾، (٥/ ٢٢٥) - التفسير- تفسير سورة بني إسرائيل، ومسلم (١/ ١٨٤) - الأنبياء- (حديث ٣٢٧)، والترمذي (٤/ ٦٢٢) - صفة القيامة- باب ما جاء في الشفاعة- (حديث ٢٤٣٤)، وأحمد (٢/ ٤٣٥)، وأبو عوانة (١/ ١٧١، ١٧٣)، وابن منده في الإيمان (٣/ ٨٢٨ - ٨٣٠) - (حديث ٨٨، ٨٨١، ٨٨٢)، والبيهقي في دلائل النبوة (٥/ ٤٧٦ - ٤٧٧)، والبغوي في شرح السنة (١٥/ ١٥٣) - الفتن- باب شفاعة الرسول الله ﷺ (حديث ٤٣٣٢)،
1 / 23
بمعناه من حديث أبي هريرة، وهو جزء من حديث طويل.
وأخرجه أحمد (٣/ ٢)، الترمذي (٥/ ٣٠٨) - تفسير القرآن- (حديث ٣١٤٨) - من حديث أبي سعيد الخدري.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (٢/ ٣٦٩ - ٣٧٠) - (حديث ٧٩٣)، وأبو يعلى في مسنده (١٣/ ٤٨١) - (حديث ٧٤٩٣)، وابن حبان كما في الإحسان (٨/ ١٣٧) - (حديث ٦٤٤٤) - من حديث عبدالله بن سلام.
* * *
1 / 24