رسائل الجاحظ
رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن
ژانرونه
قالوا: فإن فخرتم بأن منكم اثنتين من أمهات المؤمنين: أم حبيبة بنت أبي سفيان وزينب بنت جحش، فزينب امرأة من بني أسد بن خزيمة ادعيتموها بالحلف لا بالولادة! وفينا رجل ولدته أمان من أمهات المؤمنين: محمد بن عبد الله بن الحسن المحض، ولدته خديجة أم المؤمنين، وأم سلمة أم المؤمنين، وولدته مع ذلك فاطمة بنت الحسين بن علي، وفاطمة سيدة نساء العالمين ابنة رسول الله، وفاطمة بنت أسد بن هاشم. وكان يقال: خير النساء الفواطم والعواتك. وهن أمهاته.
قالوا: ونحن إذا ذكرنا إنسانا فقبل أن نعد من ولده نأتي به شريفا في نفسه مذكورا بما فيه دون ما في غيره. قلتم: لنا عاتكة بنت يزيد، وعاتكة في نفسها كامرأة من عرض قريش ليس فيها في نفسها خاصة أمر تستوجب به المفاخرة. ونحن نقول: منا فاطمة، وفاطمة سيدة نساء العالمين، وكذلك أمها خديجة الكبرى. وإنما تذكران مع مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم اللتين ذكرهما النبي
صلى الله عليه وسلم
وذكر إحداهما في القرآن، وهن المذكورات من جميع نساء العالم من العرب والعجم. وقلتم: لنا عبد الله بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، ولده سبعة من الخلفاء. وعبد الله هذا في نفسه ليس هناك. ونحن نقول: منا محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، كلهم سيد، وأمه العالية بنت عبد الله بن العباس، وإخوته: داود وصالح وسليمان وعبد الله رجال كلهم أغر محجل، ثم ولد الرؤساء إبراهيم الإمام وأخويه أبا العباس وأبا جعفر ومن جاء بعدهما من خلفاء بني العباس. وقلتم: منا عبد الله بن يزيد، وقلنا: منا الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة وأولى الناس بكل مكرمة وأطهرهم طهارة، مع النجدة والبصيرة والفقه والصبر والحلم والأنف، وأخوه الحسن سيد شباب أهل الجنة وأرفع الناس درجة وأشبههم برسول الله خلقا وخلقا، وأبوهما علي بن أبي طالب وهو الذي ترك وصفه أبلغ في وصفه، وعمهما ذو الجناحين، وأمهما فاطمة، وجدتهما خديجة، وأخوالهما: القاسم وعبد الله وإبراهيم، وخالاتهما زينب ورقية وأم كلثوم، وجدتاهما: آمنة بنت وهب والدة رسول الله، وفاطمة بنت أسد بن هاشم، وجدهما رسول الله
صلى الله عليه وسلم
المخرس لكل مفاخر والغالب لكل منافر. قل ما شئت واذكر أي باب شئت من الفضل فإنك تجدهم قد حازوه.
قالت أمية:
نحن لا ننكر فخر بني هاشم وفضلهم في الإسلام، ولكن لا فرق بيننا في الجاهلية إذ كان الناس في ذلك الدهر لا يقولون: هاشم وعبد شمس، ولا هاشم وأمية، بل كانوا لا يزيدون في الجميع على عبد مناف، حتى كان أيام تميزهم في أمر علي وعثمان في الشورى، ثم ما كان في أيام تحزبهم وحربهم مع علي ومعاوية. ومن تأمل الأخبار والآثار علم أنه ما كان يذكر فرق بين البيتين، وإنما يقال: بنو عبد مناف. ألا ترى أن أبا قحافة سمع رجة شديدة وأصواتا مرتفعة - وهو يومئذ شيخ كبير مكفوف - فقال: ما هذا؟ قالوا: قبض رسول الله. قال: فما صنعت قريش؟ قالوا: ولوا الأمر ابنك. قال: ورضيت بذلك عبد مناف؟ قالوا: نعم. قال: فلا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع ... ولم يقل أرضي بذلك بنو هاشم، أرضي بذلك بنو عبد شمس! وإنما جمعهم على عبد مناف؛ لأنه كذلك كان يقال. وهكذا قال أبو سفيان بن حرب لعلي وقد سخط إمارة أبي بكر: أرضيتم يا بني عبد مناف أن تلي عليكم تيم؟! ولم يقل أرضيتم يا بني هاشم! وكذلك قال خالد بن سعيد بن العاص حين قدم من اليمن وقد استخلف أبو بكر: أرضيتم معشر بني عبد مناف أن تلي عليكم تيم؟!
قالوا: وكيف يفرقون بين هاشم وعبد شمس وهما أخوان لأب وأم! ويدل أن أمرهما كان واحدا وأن اسمهما كان جامعا قول النبي
صلى الله عليه وسلم
ناپیژندل شوی مخ