على انحصار الأعمال في النيات، بحيث لو تجردت لم يكن عملا، لكن هذا محال، وإذا لم يكن الظاهر مرادا والمجاز متعدد، فليس بعضه بالإرادة أولى من بعض، فيصير في حيز المجمل. سلمنا أنه يدل على وجوب النية، لكن ليس في الحديث ما يدل على النية المطلوبة، فما المانع أن ينوي التبرد فيقع له، وتستباح به الصلاة، فلا يكون دالا على النية المطلوبة لكم ثم هو منقوض بغسل الثياب والأبدان من الأخباث وتطهير الأواني، فإنها أعمال ويحصل المراد مع غسلها وإن تجردت عن النية. ثم نقول: لو افتقرت الأعمال إلى النية لافتقرت النية إلى مثلها، ضرورة كونها عملا. سلمنا أنه لا يؤجر، قوله: يلزم تخصيص قوله (عليه السلام):
من توضأ مرة آتاه الله الأجر مرة. قلنا: هذا حق، لكن يلزم من عدم التخصيص إدخال النية في مسمى الوضوء، وهو غير معروف من اللغة، فيكون أيضا تخصيصا أو نقلا.
ثم ما ذكرتموه من الحجج معارض باستقبال القبلة وستر العورة، فإن حججكم تستمر، ولا يشترط فيه (فيهما ظ) النية.
والجواب:
قوله: فلم لا يجوز أن يكون المعنى: افعلوا هذه الأفعال للصلاة، بمعنى:
افعلوها على وجه يصح الدخول في الصلاة، لا بمعنى القصد بها للصلاة، قلنا:
لو صح ذلك من دون القصد اكتفاء بالصحة، لصح أن يقال: أكل للمرض، وسافر للخسارة، لأن كل ذلك صالح لكن لا يقال ذلك مع انفراد الصلاحية عن القصد.
قوله: سلمنا أنه أمر بالطهارة للصلاة، لكن لا نسلم أن ذلك يقتضي إحضار النية كقوله: أعط الحاجب ليدخلك، فإن العطية تحصل كيف كان. قلنا:
نمنع حصول الامتثال هنا مع تجرد العطية عن النية.
مخ ۷۶