واستدلاله بالرواية ضعيف، إذ ليست أزيد من كونها خبر واحد، وهو غير مفيد لليقين. ولو سلمناه لكان غايته أن الطهارة جزء من الإيمان، ولا يلزم أن يكون جزء الدين دينا. سلمنا أن الطهارة من الدين، ولكن الإخلاص يلزم في الدين كله بما هو دين، أو في كل جزء؟. الأول مسلم، والثاني ممنوع فما الدليل عليه؟
سلمنا أن الإخلاص واجب في كل جزء، لكن الإخلاص ضد الإشراك، والشرك هو أن توجه العبادة إلى اثنين بحيث تشركهما فيها، فيكون الأمر بالإخلاص أمرا بإطراح الشرك، فيكفي أن لا يشرك غيره سبحانه في فعلها. سلمنا أنه يجب توجيه الطهارة إلى الله سبحانه، لكن لا نسلم وجوب نية فعلها للصلاة، فإن الإخلاص يتحقق من دون ذلك. سلمنا أن الإخلاص واجب في الطهارة، لكن لا نسلم أن الإخلال به مبطل لها، فلا بد لهذا من دليل.
وأما الأثر فنحن ننكر ثبوت هذه الرواية، غاية ما في الباب أن يوردها بعض الأصحاب مرسلة، والخبر المسند غير حجة فما ظنك بالمرسل.
وأما الاعتراض على الوجه الأول من المعقول فهو أن نقول: لا نسلم أن الوضوء عبادة بمعنى أنه لا يقع إلا عبادة، أما بمعنى أنه يصح أن يقع عبادة إذا نوى التقرب وغير عبادة إذا لم ينو فمسلم، لكن هذا لا ينفع المستدل.
والرواية التي ذكرها يحتمل رجوع الضمير فيها إلى الصلاة، لأنه أقرب المذكورين.
قوله: العبادة مشتقة من التعبد وهو التذلل، والوضوء كذلك. قلنا: لا نسلم إذا الوضوء قد يكون تذللا كما إذا نوى التقرب، وقد لا يكون كذلك إذا فعل للتبرد أو اتفاقا أو لا لنية الامتثال، ونحن نتكلم على هذا التقدير.
قوله: لا تتعين الطهارة للمقصود بنفسها. قلنا: لا نسلم، فإن القصد بها جواز الدخول في الصلاة وكيف وقعت حصل الجواز، فإن منع فهو أول المسألة.
قوله في الوجه الثاني: بتقدير أن لا ينوي فإما أن يؤجر وإما أن لا يؤجر.
مخ ۷۴