إلا الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ ١ الآية. فإذا عرفت أن الكفار يشهدون بهذا كله فاعرف:
القاعدة الثانية: وهي أنهم يدعون الصالحين، مثل الملائكة وعيسى وعزير وغيرهم، وكل من ينتسب إلى شيء من هؤلاء سماه إلهًا، ولا يعني بذلك أنه يخلق أو يرزق، بل يدعون الملائكة وعيسى ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، ويقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، والإله في لغتهم هو الذي يسمى في لغتنا: الذي فيه سر، والذين يسمونه الفقراء شيخهم، يعنون بذلك أنه يُدعى وينفع ويضر، إلا أنهم ٢ مقرّون لله بالتفرد بالخلق والرزق. وليس ذلك معنى الإله بل الإله المقصود المدعو المرجو، لكن المشركون في زماننا أضل من الكفار في زمن رسول الله ﷺ من وجهين:
أحدهما: أن الكفار إنما يدعون الأنبياء والملائكة في الرخاء، وأما في الشدائد فيخلصون لله الدين، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ ٣ الآية.
والثاني: أن مشركي زماننا يدعون أناسًا لا يوازنون عيسى والملائكة.
إذا عرفتم هذا، فلا يخفى عليكم ما ملأ الأرض من الشرك الأكبر عبادة الأصنام: هذا يأتي إلى قبر نبي، وهذا إلى قبر صحابي كالزبير وطلحة، وهذا إلى قبر رجل صالح، وهذا يدعوه في الضراء وفي غيبته، وهذا ينذر له،
١ سورة يونس آية: ٣١، وتمام الآية: (أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون (، يونس آية: ٣١.
٢ في المخطوطة: (وإلا فهم) .
٣ سورة الإسراء آية: ٦٧.