يضمحل. وإن كان هذا قدر فهمه، وأنه ما فهم هذا الذي تعرفه العوام، فالخلف والخليفة على الله.
وأما ختمه الكلام بقوله: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ ١، فيا لها من كلمة ما أجمعها! ووالله إن مسألتنا هذه من إنكارها. وقد أتانا رسول الله ﷺ يلزم حدود الله والعدل بين الأولاد، ونهانا عن تغيير حدود الله، والتحيل على محارم الله، وإذا قدرنا أن مراد صاحب هذا الوقف وجه الله لأجل من أفتاه بذلك، فقد نهانا رسول الله ﷺ عن البدع في دين الله، ولو صحت نية فاعلها، فقال: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد " ٢، وفي لفظ: " ومن عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو رد " ٣. هذا نص الذي قال الله فيه: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ ٤، وقال: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ ٥، وقال: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ ٦. فمن قَبِل ما آتاه الرسول، وانتهى عما نهى، وأطاعه ليهتدي، واتبعه ليكون محبوبًا عند الله، فليوقف كما أوقف رسول الله ﷺ، وكما وقف عمر ﵁، وكما وقفت حفصة، وغيرهم من الصحابة وأهل العلم.
وأما هذا الوقف المحدث الملعون، المغير لحدود الله، فهذا الذي قال الله فيه بعد ما حد المواريث والحقوق للأولاد والزوجات وغيرهم: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ
_________
١ سورة الحشر آية: ٧.
٢ البخاري: الصلح (٢٦٩٧)، ومسلم: الأقضية (١٧١٨)، وأبو داود: السنة (٤٦٠٦)، وابن ماجة: المقدمة (١٤)، وأحمد (٦/٧٣، ٦/١٤٦، ٦/١٨٠، ٦/٢٤٠، ٦/٢٥٦، ٦/٢٧٠) .
٣ البخاري: الصلح (٢٦٩٧)، ومسلم: الأقضية (١٧١٨)، وأبو داود: السنة (٤٦٠٦)، وابن ماجة: المقدمة (١٤)، وأحمد (٦/٧٣، ٦/١٤٦، ٦/١٨٠، ٦/٢٤٠، ٦/٢٥٦، ٦/٢٧٠) .
٤ سورة الحشر آية: ٧.
٥ سورة النور آية: ٥٤.
٦ سورة آل عمران آية: ٣١.
1 / 84