وبالجملة، الواجبات الكفائية التي بحيث يجب على المكلفين استحصالها لانتظام دينهم ودنياهم في غاية الكثرة، وأنهم ربما يهملون في التحصيل، فيكونون مؤاخذين لتقصيرهم. نعم، فيهم من ليس بمقصر، فلا يؤاخذ.
وأما أنهم ماذا يصنعون، فاللازم عليهم حينئذ بذل الجهد بحسب ما يمكنهم في تحصيل الاحتياط والعمل به ، ولا يجوز لهم غيره، فعند تعدد الأقوال (1) للميتين يعمل بما هو أحوط، وإن لم يكن قول أحد منهم، لا أنه يقلد، إذا كان يتأتى الاحتياط (2) - وهو الأخذ بما هو أوثق شرعا - وأما إذا لم يتأت الاحتياط فيه، أو يكون قول واحد لهم، أو لم يطلع إلا على قول واحد، فاحتياطه حينئذ منحصر في العمل بقول الميت بما هو أوثق عندهم، مثل أن يكون قول المعظم، فإن ما تراكم عليه أفهام أهل الخبرة أبعد عن الخطأ، أو يكون قول الأفقه عندهم والأعلم وغير ذلك من أسباب الأوثقية. وبعد العجز فإنه [كما] اختاروا، لأنه تعالى لا يكلف ما لا يطاق جزما.
هذا (3)، كما أنه إذا لم يكن هناك قول الفقيه الميت، بل يكون قول العامي، والعمل بقولهم حينئذ ليس من باب التقليد - كما أن عمل المجتهد بقول غيره لا يكون تقليدا - بل من باب الاجتهاد، كأخذه بقول الموثقين والجارحين، وقول الرواة، وقول اللغويين، وقول الفقيه في بعض الأمكنة، وغير ذلك.
وبين الاجتهاد والتقليد والاحتياط فرق واضح.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
مخ ۲۷