الفتوى لها، فلا وجه حينئذ لتقليده ورفع اليد عن الأدلة، بل حاله حينئذ حال المجتهد، فما قلنا في المجتهد جار فيه أيضا، حتى أنه في الحقيقة ليس تقليدا للميت، بل عين الاجتهاد منه، لو صح.
وكذا ظهر حال استفصال العامي منه.
مع أنك قد عرفت أن التقليد في نفسه حرام، خرج تقليد الحي بالنسبة إلى العامي، وبقي تقليد الميت والحي بالنسبة إلى غير العامي داخلا في المنع، فمثل هذا العالم لو لم يكن حاله حال العامي لحرم عليه التقليد مطلقا، وعنده أنه مجتهد يصح اعتماده على فهمه ورأيه، فكيف يقلد ومن أي دليل؟!
نعم، الشأن في صحة معتقده وجواز بنائه عليه.
وإن لم يكن عرف الأدلة والموافقة (1)، فمن أين يعرف الإصابة؟! بل حاله حال العامي، وحكاية استفصاله من المجتهد قد مرت من أولها إلى آخرها، إلا ما استثناه من أن عند العامي أن المجتهد.. إلى آخره، إن لم يكن حاله حاله في هذا، لكن مع صحة رأيه عنده كيف يجوز تقليده للمجتهد؟! وكيف يرخص المجتهد - مثل هذا العالم - الاعتماد على رأيه في مسألة تقليد الميت؟! سيما مع ما فيها مما أشرنا، إلا أن تقليده فيها أيضا، فيكون حينئذ تقليدا بحتا.
فإن قلت: ورد في بعض الأخبار أمرهم (عليهم السلام) بايراث الكتب للأولاد (2).
قلت: لا خفاء في أن تلك الكتب كانت كتب الأخبار، ولا شك ولا نزاع في أن الأخبار لا تموت بموت الراوي، بل هي حجة دائما.
على أنه لا نزاع ولا تأمل في أن كتب الفتاوى أيضا تنفع نفعا عظيما للفقهاء،
مخ ۲۳