له عند الله، وقضى الله حاجته، سواء أراد حاجة دنيوية أو حاجة أخروية.
كما حكاه – تعالى- عن المشركين في قوله: ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ ١ لكن (كان) الكفار الأولون يتشفعون بهم في قضاء الحاجات الدنيوية.
وأما المعاد فكانوا مكذبين به جاحدين له. وأما المشركون اليوم فيطلبون من غير الله حوائج الدنيا والآخرة، ويتقربون بذلك إلى الله، ويستدلون عليه بالأدلة الباطلة، و﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ ٢.
وأما الشفاعة التي أثبتها القرآن، فقيدها – سبحانه- بإذنه للشافع ورضاه عن المشفوع له، فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا يأذن للشفعاء أن يشفعوا إلا لمن رضي قوله وعمله، وهو – سبحانه- لا يرضى إلا التوحيد، وأخبر الرسول ﷺ أن أسعد الناس بشفاعته أهل التوحيد والإخلاص. فمن طلبها منه اليوم حرمها يوم القيامة، والله – سبحانه- قد أخبر أن المشركين لا تنفعهم شفاعة الشافعين، وإنما تنفع من جرد توحيده لله بحيث أن يكون الله – وحده- هو إلهه ومعبوده، وهو -سبحانه- لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا كما قال – تعالى-: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ ٣.
فإذا تأملت الآيات، تبين لك أن الشفاعة المنفية هي التي يظنها المشركون، ويطلبونها اليوم من غير الله.
(وأما الشفاعة المثبتة) فهي التي لأهل التوحيد والإخلاص، كما أخبر الرسول ﷺ أن شفاعته نائلة من مات من أمته لا يشرك بالله شيئا. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
_________
١ سورة يونس آية: ١٨.
٢ سورة الشورى آية: ١٦.
٣ سورة الزمر آية: ٣.
1 / 66