المنذر وأصحاب الرأي: لا يصح، والربح كله لرب المال، وللعامل أجرة مثله.
ولنا أنها عين نمت بالعمل عليها، فصح العقد عليها ببعض نمائها كالدراهم والدنانير، وكالشجر في المساقاة، والأرض في المزارعة، وقد أشار أحمد رحمه الله تعالى- إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة، فقال: لا بأس بالثوب يدفع بالثلث أو الربع، لحديث جابر: "أن النبي ﷺ أعطى خيبر على الشطر" ١.
وهذا يدل على أنه ظاهر في مثل هذا إلى الجواز، لشبهه بالمساقاة والمزارعة، لا إلى المضاربة ولا إلى الإجارة.
ونقل أبو داود عن أحمد فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة، أرجو أن لا يكون به بأس. ونقل أحمد بن سعيد فيمن دفع عبده إلى رجل يكتسب عليه، ويكون له ثلث ذلك أو ربعه فجائز، والوجه فيه ما ذكرناه في مسألة الدابة.
وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قميصا وله نصف ربحه بعمله جاز، نص عليه في رواية حرب. وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز، نص عليه.
ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئا من ذلك. وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع. وسئل: عن الرجل يعطي الثوب بالثلث ودرهم أو درهمين؟ قال: أكرهه؛ لأن هذا شيء لا يعرف الثلث إذا لم يكن معه شيء نراه جائزا؛ لحديث جابر "أن النبي ﷺ أعطى خيبر على الشطر" ٢.
قيل لأبي عبد الله: فإن كان النساج لا يرضى حتى يزاد على الثلث درهما؟ قال: فليجعل له ثلثا وعشر ثلث، أو نصف عشر وما أشبهه، انتهى ملخصا.
وقد نص أحمد أيضا على جواز دفع الثوب لمن يبيعه بثمن يقدر له، ويقول: ما زاد فهو لك. وقال في "الإنصاف": "ولو دفع عبده أو دابته إلى من يعمل بهما بجزء من الأجرة،
_________
١ البخاري: الإجارة (٢٢٨٦)، والترمذي: الأحكام (١٣٨٣)، وأبو داود: البيوع (٣٤٠٨)، وابن ماجه: الأحكام (٢٤٦٧)، وأحمد (٢/١٧،٢/٣٧) .
٢ البخاري: الإجارة (٢٢٨٦)، والترمذي: الأحكام (١٣٨٣)، وأبو داود: البيوع (٣٤٠٨)، وابن ماجه: الأحكام (٢٤٦٧)، وأحمد (٢/١٧،٢/٣٧) .
1 / 47