المقدمة في المدخل إلى صناعة علم الكلام
إملاء:
الشيخ الإمام موفق الدين عماد الدين أبي جعفر محمد بن حسن بن على الطوسي رضى الله تعالى عنه (385- 460)
مخ ۶۳
بسم الله الرحمن الرحيم (1) رب وفق الحمد لله رب العالمين وصلواته على نبيه محمد وعترته (2) الطاهرين.
سألتم ايدكم الله إملاء مقدمة تشتمل على ذكر الألفاظ المتداولة بين المتكلمين، وبيان أغراضهم منها، فلهم مواضعات (3) مخصوصة ليست على موجب اللغة، ومن نظر (4) في كلامهم ولا يعرف مواضعتهم، (5) لم يحظ بطائل [من ذلك] (6) وإذا وقف على مرادهم، ثم نظر بعد ذلك في ألفاظهم، حصلت بغيته، وتمت منيته. وانا مجيبكم الى ما سألتم مستعينا بالله ومتوكلا عليه وهو حسبي ونعم الوكيل. ثم اذكر بعد ذلك حصر الأجناس التي تكلموا في إثباتها ما اتفقوا فيه وما اختلفوا، واذكر جملا من أحكامها، وأعقب بذكر جمل يشتمل على حقيقة الصفات وبيان أقسامها، وكيفية استحقاقها، وبيان أحكامها على غاية من الإيجاز والاختصار ما يصغر حجمه ويكثر نفعه (7) إن شاء الله.
مخ ۶۵
1- فصل في ذكر أعم الأسماء الجارية بينهم وأخصها وما يتبع ذلك.
أعم (8) الأسماء في مواضعاتهم (9) قولهم «معتقد» أو «مخبر عنه» أو «مذكور» ويعنون (10) بذلك انه ما يصح (11) أو يعتقد (12)، أو يخبر عنه، أو يذكر وانما كان ذلك أعم الأسماء، لأنه يقع (13) على ما هو صحيح في نفسه، وما هو فاسد ثم بعد ذلك قولهم: معلوم، وهو أخص من الأول لأن كل معلوم معتقد، ويصح ذكره، والخبر عنه، وليس كل ما يعتقد يكون معلوما لجواز ان يكون الاعتقاد جهلا.
وقولهم «شيء» عند من قال بالمعدوم يجرى مجرى قولهم «معلوم» ومن لم يقل بالمعدوم يفيد عنده انه موجود. ثم بعد ذلك قولهم: «موجود» فإنه أخص من المعلوم، لأن المعلوم قد يكون معدوما، والموجود لا يكون الا معلوما.
وحد الموجود، هو الثابت العين (14)، وحد المعلوم (15)، هو المنتفى العين.
وفي الناس من قال: حد الموجود ما يظهر معه مقتضى صفة النفس.
ومنهم (16) من قال: حد الموجود، ما صح التأثير به أو فيه على وجه (17).
ثم النوع فإنه أخص من الموجود، لان الموجود يشتمل (18) على أنواع كثيرة.
مخ ۶۶
ثم الجنس فإنه أخص من النوع، لان الجنس لا يقع الأعلى المتماثل والنوع يقع على المتماثل والمختلف والمتضاد.
فمثال النوع، قولنا: كون، أو، لون، فإنه يقع على المتماثل والمتضاد، ومثالها قولنا: اعتقاد، فإنه يقع على المتماثل والمختلف والمتضاد، ومثال (19) الجنس قولنا: سواد، أو بياض (20)، فإنه لا يقع الا على المتماثل.
2- فصل في ذكر أقسام الموجود
الموجود ينقسم الى قديم ومحدث، والقديم (21) هو الموجود فيما لم يزل.
هذا في عرف المتكلمين. فاما في عرف أهل اللغة فإنه يفيد كل متقدم الوجود.
ولهذا يقولون: «بناء قديم ودار قديمة ورسم قديم» (22). قال الله تعالى حتى عاد كالعرجون القديم .
والمحدث، هو الكائن بعد ان لم يكن، وان شئت قلت: هو المتجدد الوجود، وهو ينقسم الى قسمين (23): جواهر واعراض.
فحد (24) الجوهر ما له حيز في الوجود، وان شئت قلت: هو ما يمنع بوجوده من وجود مثله بحيث هو. وان شئت قلت: هو الجزء الذي لا يتجزى (25) وان شئت قلت: ما له قدر من المساحة لا يكون أقل منه.
والجواهر كلها متماثلة لا مختلف فيها ولا متضاد، وليست تدخل تحت مقدور (26) القدر، وهي مدركة بحاسة البصر من غير مماسة لها، وبمحل الحياة إذا جاورتها (27) والبقاء جائز عليها.
والجوهر إذا تألف مع مثله، سمى مؤلفا، فان تألف مع أمثاله (28) في سمت واحد، سمى خطا. وربما كان قائما، فيسمى منتصبا، وربما كان
مخ ۶۷
منبطحا فيسمى طويلا، أو عريضا. فان تألف خطان متلاصقان، سمى [29] سطحا، لانه صار له طول وعرض فان تألف مثل ذلك عمقا فيسمى [30] جسما لانه صار له طول وعرض وعمق. وحد الجسم هو الطويل العريض العميق بدلالة قولهم: هذا اجسم [31]، وهذا جسيم، إذا زاد في الصفات التي ذكرناها على غيره.
العرض ما عرض [32] في الوجود ولم يكن له لبث كلبث الأجسام، ولا يجوز ان يقال: حد العرض ما احتاج في وجوده الى غيره، لأن ذلك ينتقض بإرادة القديم وكراهته عند من قال بها.
وإذا قلنا [33] تحرزا من ذلك، انه ما احتاج في قبيله إلى المحل، انتقض بالفناء، عند من قال به، لأنه ينفي المحال، وهو عرض، فالاسلم ما قلناه [34].
وإذا قد بينا حقيقة الجوهر والعرض، فالعالم عبارة في عرف المتكلمين عن السماء والأرض، وما بينهما من هذين النوعين.
فاما في اللغة فهو عبارة عن العقلاء دون ما ليس بعاقل. الا ترى انهم يقولون:
جاءني عالم من الناس ولا يقولون: جاءني عالم من البقر. فعلم بذلك صحة ما قلناه.
3- فصل في ذكر أقسام الاعراض [35]
العرض على ضربين: صرب لا يحتاج في وجوده الى محل [36]، وضرب لا بد له من محل [37].
فالأول: هو الفناء عند من أثبته، وحده ما ينتفى بوجوده الجواهر. وهو كله متماثل [38] لا مختلف فيه، ولا متضاد، ولا يقدر عليه غير الله [عز وجل] [39] ولا
مخ ۶۸
يصح عليه البقاء، ولا يصح منا إدراكه وفي كونه مدركا لله تعالى خلاف وارادة القديم تعالى، وكراهته عند من أثبتهما [40] وسنذكر أحكامهما.
وما يحتاج في وجوده الى محل [41]، على ضربين: أحدهما يحتاج في وجوده الى محلين، والآخر يحتاج الى محل واحد.
فالأول: هو التأليف، فإنه لا يوجد إلا في محلين. وحده ما صار به الجوهران متألفين. وهو كله متماثل، ولا مختلف فيه [42]، ولا متضاد، ويدخل تحت مقدور القدر ولا يصح منا فعله الا متولدا، ولا سبب له الا الكون الذي يسمى مجاورة، وهو غير مدرك. ومتى تألفت الجواهر على وجه لا تضريس فيها، سمى ما فيها من التأليف لينا، وان كان [43] فيها تضريس، سمى خشونة. وفي جواز البقاء على التأليف خلاف.
وما يحتاج الى محل واحد، على ضربين:
أحدهما: لا يخلو منه الجوهر [44]، والآخر يصح خلوه منه [45].
فالأول: هو الكون. فإنه لا يصح خلو الجوهر مع وجوده [46] من الكون على حال [47].
والكون على ضربين: متماثل ومتضاد، وليس فيه مختلف، ليس بمتضاد.
فالمتماثل ما اختص بجهة واحدة والمتضاد ما اختص بجهتين والجهة عبارة عن اليمين، أو اليسار، أو فوق، أو أسفل، أو خلف، أو قدام، ويعبر عنها بالمحاذاة. ومعناها انا إذا فرضنا آجرة على اربع زواياها اربع نملات، ثم توهمنا عدم الآجرة وبقاء النمل، لكانت النمل بحيث لو أعاد الله الآجرة، لكانت النمل على اربع زواياها. فهذا معنا قولنا: محاذاة أو جهة.
واعلم. ان الكون يقع على وجوه، فيختلف عليه الاسم. فإذا وجد ابتداء
مخ ۶۹
في أول حال وجود الجوهر، تسمى كونا لا غير فإذا وجد عقيب غيره، فهو على ضربين: أحدهما يوجد عقيب مثله، فيسمى [48] سكونا. والآخر يوجد عقيب ضده، فيسمى حركة، ويسمى نقلة وزوالا أيضا. والكون المبتدأ إذا بقي، وكذلك الحركة إذا بقيت، سميا سكونين عند من قال ببقاء الأكوان ومتى وجد الجوهر منفردا، سمى ما فيه كونا لا غير، فان وجد معه جوهر آخر، فان كان متلاصقا له، سمى ما فيهما من الكونين مجاورة. وان لم يكن الجوهران متلاصقين، وكان بينهما بعد [سمى] [49] ما فيهما مفارقة.
واما الاجتماع، فمن الناس من قال: هو عبارة عن المجاورة. ومنهم من قال، هو عبارة عن التأليف والأكوان على اختلافها وتماثلها في مقدورها [50]. ويصح منا فعلها مباشرا ومتولدا وفي جواز البقاء عليها وكونها مدركة، خلاف. ولنا فيه نظر والكون إذا كان مجاورة ولد التأليف وقد بينا حقيقته. وان [51] تألفت الجواهر في خط واحد، سمى ما فيها من التأليف طولا أو عرضا بحسب ما يضاف اليه.
واما ما يجوز خلو الجوهر [52] منه مما يحتاج الى المحل، فعلى ضربين:
أحدهما يحتاج في وجوده الى المحل لا غير، والآخر يحتاج إلى بنية زائدة على وجود المحل.
فالأول: مثل الألوان والطعوم والأراييح والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والاعتماد والصوت وجنس الآلام عند من أجاز وجودها [53] في الجماد.
واما [54] الألوان فعلى ضربين: متماثل ومتضاد، وليس فيها مختلف ليس بمتضاد.
فالمتماثل، مثل السواد والبياض [55]، فان كل جنس منهما متماثل، وهو ضد للجنس الآخر. وليس شيء منها في مقدورنا. وفي جواز البقاء عليها خلاف.
وهي مدركة بحاسة البصر في محلها.
مخ ۷۰
واما الطعوم والأراييح، فمثل الألوان في أنها مختلفة ومتماثلة ومختلفها كلها [56] متضاد، وليس شيء منها في مقدورنا. وفي بقائهما خلاف.
وهما مدركان : اما الطعم فبحاسة الذوق، واما الرائحة فبحاسة الشم [57] ومن شرط إدراكها مماسة محلها للحاسة [58].
واما الحرارة فكلها متماثلة، وليس فيها مختلف ولا متضاد. وكذلك البرودة. وكل واحد منهما يضاد صاحبه. وهما يدركان [59] بمحل الحياة في محلهما بشرط المماسة. وفي جواز بقائهما خلاف.
واما الرطوبة، فكلها متماثل [60]، وكذلك اليبوسة، وليس فيها [61] مختلف. ولا متضاد، وكل جنس منهما يضاد صاحبه. وليس شيء من هذه الأجناس في مقدورنا وفي بقائهما خلاف، وفي كونهما مدركين أيضا خلاف.
واما الاعتماد [62] فعلى ضربين: متماثل ومختلف:
فالمتماثل ما اختص بجهة واحدة، والمختلف ما اختص بجهتين. وليس فيه متضاد. وعدد أجناسه ستة بعدد الجهات. ويصح على ما يختص بجهة السفل البقاء إذا صادف حدوثه حدوث الرطوبة عند من قال ببقائه، وعلى ما يختص بجهة العلو إذا صادف حدوثه حدوث اليبوسة والأجناس الأخر لا يصح عليه البقاء بلا خلاف. وهي أجمع [63] في مقدورنا، ويصح منا فعلها مباشرا ومتولدا.
والاعتماد يولد على وجهين: أحدهما في جهته والآخر في غير جهته [64]، فما يولد [65] في جهته، على ضربين: أحدهما يولد بشرط والآخر يولد بغير شرط [66].
مخ ۷۱
والذي يولده بشرط، الصوت، فإنه لا يولده الا بشرط [67] المصاكة. ومما يولده [68] من غير شرط فالكون واعتماد آخر، الا انه لا يولدهما الا بعد ان يكون محلا [69] في حكم المدافع لما يلاقيه. فمتى [70] خرج من ان يكون في حكم المدافع، اما بالتسكين حالا بعد حال، أو التعليق له ان يكون [71] في ذلك المحل اعتماد آخر في خلاف جهته يكافئه فإنه لا يولد على حال ومتى لم يحصل في المحل أحد ما ذكرناه، ولد.
وما يولد [72] في خلاف جهته، فلا يولده الا بشرط المصاكة وهو الاعتماد والكون والصوت. لانه لا يولد هذه الأجناس في خلاف جهته الا بشرط المصاكة. ومتى ولد الاعتماد اعتمادا آخر، فلا بد من ان يولد [73] معه الكون أيضا. وكذلك لا يولد الكون الا ويولد معه الاعتماد. والاعتماد يولد الحركة في محله وغير محله.
ولا يولد السكون في محله، وانما يولده في غير محله. ولا يولده الا ان يكون ممنوعا من توليد الحركة في غير محله. والاعتماد غير مدرك [74] بشيء من الحواس على خلاف فيه والاعتماد اللازم سفلا يسمى ثقلا [75]، وما يختص بجهة العلو يسمى خفة. ويعبر عما لا اعتماد فيه [76] أصلا بأنه خفيف. وفي الناس من قال: ان الثقل [77] يرجع الى تزايد الجواهر، وان الخفة يرجع [78] الى تناقصها.
واما الصوت فعلى ضربين: متماثل ومختلف، ومختلفه هل هو متضاد أم لا، فيه خلاف. وفيه نظر. وهو في مقدورنا، ولا يمكننا ان نفعله الا متولدا.
والكلام هو ما انتظم [79] من حرفين فصاعدا من الحروف المعقولة إذا وقع ممن يصح منه، أو من قبيله الإفادة.
مخ ۷۲
والمتكلم هو من وقع منه ما سميناه [80] كلاما بحسب دواعيه وأحواله [81] وانما ذكرناه [82] هاهنا، لان الحروف هي الأصوات المقطعة.
والحروف على ضربين: متماثل ومختلف [83]. وفي تضاد مختلفها [84] نظر كما قلناه في الصوت.
ولا يجوز على الصوت البقاء بلا خلاف. وهو مدرك بحاسة السمع في محله من غير شرط مماسة محله للحاسة واما الضرب الآخر من الاعراض التي تحتاج إلى أمر زائد على المحل. ولا بدله من بنية مخصوصة حتى يصح وجوده فيها، فهو [85] على ضربين: أحدهما انه لا بد ان يوجد في كل جزء من تلك البنية أجزاء مثله حتى يصح وجوده في بعض، والآخر لا يجب ذلك فيه [86] بل لا يمنع إذا كانت البنية حاصلة ان يوجد في بعض البنية دون بعض، فالأول هو الحياة، فإنها لا تصح ان توجد فيما هو بنية الحياة الا بان توجد [87] في كل جزء من تلك البنية حياة.
ولا يجوز ان توجد في بعض البنية دون بعض [88].
والحياة [89] جنس واحد متماثل كله ليس فيه مختلف ولا متضاد، ولا يدخل تحت مقدور القدر وهي غير مدركة أصلا.
والقسم الآخر هو ما لا يصح وجوده إلا في بنية الحياة، إذا كانت الحياة موجودة فيها وكل [90] ما يختص الحي من المعاني، فهو [91] على ضربين: ضرب يكفي في وجوده [92] محل الحياة من غير زيادة عليه، وهو الألم عند من قال: ان جنسه لا يصح وجوده في الجماد. فان عنده يكفي في صحة وجوده محل الحياة وهو كله متماثل، ليس فيه مختلف، ولا متضادة وهو في مقدورنا، غير انه لا يمكننا فعله الا متولدا، وسببه تفرقة الأجزاء التي فيها حياة، وإبطال الصحة منها وانه [93] يولد عند ذلك الألم. والقديم تعالى يصح ان يفعله مبتدأ ومتولدا، ونفس ما يقع ألما، يصح ان يقع لذة بان يصادف شهوة له ومتى صادف نفارا كان
مخ ۷۳
ألما. ولا يصح على الألم البقاء بلا خلاف، وهو مدرك بمحل الحياة في محلها.
والقدرة [94] فيها خلاف: فان في الناس من يقول: وجودها يحتاج إلى أمر زائد على بنية الحياة من الصلابة، وغير ذلك، ولا يصح وجودها في مجرد بنية الحياة، ومنهم من قال: ان ذلك انما يحتاج اليه لتزايدها، لا لوجود شيء منها. وفي ذلك نظر والقدر كلها مختلفة ليس [95] فيها متماثل ولا متضاد ولا يدخل تحت مقدور القدر، ولا يجوز عليها الاشتراك [96] وفي بقائها خلاف. والضرب الآخر:
يحتاج إلى بنية زائدة على بنية الحياة، مثل بنية القلب، وهو جميع أفعال القلوب من الاعتقادات والظنون والإرادات والكراهات [97] والنظر والشهوة والنفار والتمني لو كان معنى.
فاما الاعتقادات ففيها متماثل ومختلف ومتضاد:
فالمتماثل ما تعلق بمتعلق [98] واحد على وجه واحد في وقت واحد على طريقة واحدة، فهي تغير شيء من هذه الأوصاف الأربعة، مثل ان يتغاير المعتقدان، أو يتغاير [99] وجوههما، أو يختلف وقتهما، وكان أحدهما على طريق الجملة، والآخر على طريق التفصيل، كان الاعتقادان مختلفين.
واما [100] المتضاد فهو ما جمع الشروط الأربعة، وكان بالعكس من متعلق صاحبه، فإنه يكون ضدا له. وقد يقع الاعتقاد على وجه فيكون علما، وهو إذا كان معتقده على ما تناوله الاعتقاد مع سكون النفس. ولأجل ذلك يحد العلم بأنه ما اقتضى [101] سكون النفس. ونعني [102] بسكون النفس: انه [103] متى شكك فيما [104] يعتقده لا يشك، ويمكنه دفع ما يورد عليه من الشبهة.
والمعروفة هو العلم عينا [105] ومتى خلا الاعتقاد من سكون النفس، وان كان معتقده على ما تناوله، فإنه لا يكون علما، بل ربما يكون تقليدا أو تنحيتا.
واما الجهل، فهو الاعتقاد الذي لا يكون معتقده على ما تناوله [106]. و
مخ ۷۴
في جواز البقاء على جنس الاعتقاد خلاف والصحيح انه لا يجوز عليه البقاء وجميع أنواع الاعتقاد في مقدورنا، ويصح منا ان نفعله متولدا ومباشرا. الا ان ما نفعله متولدا لا يكون الا علما. ولا سبب له الا النظر.
ومن شرطه ان يكون الناظر عالما بالدليل على الوجه الذي يدل، حتى يولد نظره العلم. فمتى لم يكن كذلك كان نظره لا يولد العلم. والنظر لا يولد الجهل أصلا ولا اعتقادا ليس بجهل ولا علم، سواء كان النظر في دليل أو شبهة. وانما يفعله الواحد منا ذلك مبتدأ ومتى تعلق الاعتقاد بوصول ضرر اليه، أو فوت منفعة عنه، سمى غما ومتى [107] تعلق بوصول منفعة اليه، أو دفع ضرر عنه سمى سرورا.
واما الظن فهو ما قوى عند الظان كون المظنون على ما ظنه مع تجويزه ان يكون على خلافه. وليس من قبيل الاعتقادات [108] والظن فيه متماثل [109] ومختلف ومتضاد.
فالمتماثل منه ما تعلق بمظنون واحد على وجه واحد في وقت واحد وطريقة واحدة. فمتى اختل شيء من هذه الأوصاف، كان مختلفا. ومتى كان بالعكس من متعلق صاحبه مع الشرائط التي ذكرناها، كانا متضادين [110] وقد يضاد الظن العلم والاعتقاد بالشرائط الذي قدمنا ذكرها، كما يضاد ظنا آخر. ولا يصح على الظن البقاء. والظن على اختلافه وتماثله وتضاده في مقدورنا.
ولا يصح ان نفعله الا مبتدأ، لانه لا سبب له يولده، الا انه لا يكون له حكم، إلا إذا كان حاصلا عند امارة.
واما النظر فهو الفكر والاعتبار، وهو على ضربين: متماثل ومختلف وليس فيه متضاد. [111]
فاما المتماثل فهو ما تعلق [112] بشيء واحد على وجه واحد، في وقت واحد، وطريقة واحدة. ومتى اختل شيء من هذه الشرائط [113]، كان مختلفا. و
مخ ۷۵
هو في مقدورنا، ولا يصح عليه البقاء بلا خلاف واما الإرادات فعلى ضربين: متماثل ومختلف، وليس فيها متضاد فالمتماثل ما تعلق بمراد واحد على وجه واحد، في وقت واحد، وطريقة واحدة. ومتى اختل شيء من هذه الأوصاف، كان مختلفا والإرادة تضاد الكراهة [بهذه الشروط الأربعة إذا كانت متعلقة، بالعكس من متعلق الإرادة] [114]. وتعلق الإرادة لا يكون الا بالحدوث، و[كذلك [115]] تعلق الكراهة لا يكون الا بالحدوث والكراهة مثل الإرادة في ان فيها مختلفا ومتماثلا. وليس في نوعها متضاد، بل هي تضاد الإرادة على الشرائط التي ذكرناها والإرادة والكراهة جميعا في مقدورنا، ونفعلهما مبتدأ، لانه لا سبب لهما يولدهما. ولا يصح عليهما البقاء بلا خلاف. والإرادة والمشية عبارتان عن أمر واحد، وتقع الإرادة على وجوه، فيختلف عليها الاسم، وكذلك الكراهة.
والإرادة اما ان يتعلق بفعل غير المريد [أو تتعلق بفعل المريد] [116]: فان تعلقت بفعل غير المريد، فإنها تسمى ارادة لا غير وتوصف أيضا بأنها رضى غير انها لا توصف بذلك إلا إذا وقع مرادها. ولا تتوسط بينهما وبين الفعل كراهة. لأن من أراد من غيره شيئا ثم كرهه، ووجد الفعل، فإن الإرادة المتقدمة لا توصف بأنها رضي. ومتى تعلقت بمنافع تصل الى الغير، سميت محبة. وإذا تعلقت. بمضار.
تلحق الغير، سميت [117] بغضا وكذلك تسمى الكراهة لوصول المنافع الى الغير، بأنها [118] بغض، وتسمى كراهة وصول مضرة إليه بأنها محبة. ومتى تعلقت بعقاب تصل الى الغير ولعنة سميت غضبا. وليس الغضب تغير حال للغضبان بل هو ما قلناه. ومتى كانت الإرادة متعلقة بفعل المريد، فان تقدمت عليه ان كان مبتدأ أو على سببه [119] ان كان مسببا، وكانت الإرادة من فعله، سميت عزما وتوطينا للنفس.
وان كانت الإرادة مصاحبة للفعل، سميت قصدا واختيارا وإيثارا ولا يسمى بذلك إلا إذا كانت من فعل المريد. وقد تسمى قصدا وان تقدمت الفعل.
مخ ۷۶
وشروط كونها قصدا، شروط [120] كونها إيثارا، واختيارا، وهي زوال الإلجاء وحصول التحية.
ومتى كانت الإرادة في القلب ومفعولة به وصفت [121] بأنها نية وانطواء وضمير.
واما الكراهة فتسمى أيضا سخطا إذا تعلقت بفعل القبيح من المكلف غير انها لا يوصف بذلك إلا إذا وقع ما كرهه.
واما الشهوة والنفار، فكل واحد منهما فيه متماثل ومختلف، ولا متضاد فيهما.
فالمتماثل منه ما تعلق بشيء واحد، والمختلف ما تعلق بشيئين وكل واحد من الشهوة والنفار يضاد صاحبه إذا كان متعلقهما واحدا. وتعلق كل واحد منهما بالعكس من تعلق صاحبه. ولا يتعلقان الا بالمدركات. ولا يجوز عليهما البقاء، وليسا في مقدور العباد.
واما [122] التمني فالصحيح فيه انه من جنس الكلام، وقد بينا ان الكلام جنسه الصوت، وانه يقع على المتماثل والمختلف وليس فيه متضاد.
ولو كان معنى في القلب لكان أيضا متماثلا ومختلفا، ولا متضاد فيه.
وحقيقة التمني هو قول القائل لما كان «ليته لم يكن» أو لما لم يكن «ليت انه كان». وجميع أفعال القلوب لا خلاف بين أهل العدل في انها غير مدركة بشيء من الحواس أصلا. وشك المرتضى [123] في جواز رؤيتها. فهذه الأجناس التي ذكرناها من الاعراض لا خلاف فيها، إلا التأليف والفناء فان فيهما خلافا. وهاهنا أمور آخر فيها خلاف، وهي على ضربين:
أحدهما يختص المحل، والثاني يختص الحي.
فما يختص المحل أشياء:
منها: الحدوث، فان في الناس من قال: انه معنى يكون به الجوهر محدثا.
ومنه البقاء. وفيه خلاف بين البغداديين والبصريين.
مخ ۷۷
ومنها الخشونة واللين. وان في الناس من قال انهما معنيان. والبصريون ذهبوا الى أنهما كيفية في التأليف على ما بيناه فيما مضى.
ومنها الكلام، ومن الناس من ذهب الى أنه جنس مخالف للصوت. ثم اختلفوا.
فمنهم من قال انه يحتاج إلى بنية مخصوصة والى وجود صوت في محله، وجوز عليه البقاء وان يوجد في محال كثيرة.
ومنهم من قال: لا يصح وجوده إلا في الحي وهو يوجب حالا له. والصحيح ما قدمناه.
ومنها الدهنية والدسمية والزنبقية [125] والصلابة، فان في الناس من قال: هي معان، ومنهم من قال: هذه كيفيات في الرطوبات واليبوسات وما يختص البنية، فنحو الموت، فان فيه خلافا. وما يختص الحي نحو العجز والإدراك والسرور والغم والمحبة والرضا والغضب والبغض والعزم وتوطين النفس، فان في الناس من قال: انها معان زائدة على ما قدمناه.
وجميع ما قدمناه من المعاني المتفق عليها على ضربين: أحدهما يوجب حالا عند من قال بالأحوال، والآخر لا يوجب حالا فما يوجب حالا على ضربين:
أحدهما يوجب حالا للمحل، والآخر يوجب حالا للجملة، فما لا يوجب حالا في المحل [126] فكل ما لا يختص الحي إلا الكون، فإنه يوجب [127] حالا للمحل. وما عداه لا يوجب حالا. وهو على ضربين: أحدهما يوجب حكما لمحله، والآخر لا يوجب ذلك، فالأول هو التأليف، إذا كان التزاقا، والاعتمادات. وما لا يوجب حكما ما عدا ما ذكرناه، وهو [128] الطعوم والأراييح والحرارة والبرودة والألوان والأصوات والآلام. [129] وكل ما يختص الحي، فإنه يوجب حالا [130] عند من قال بالأحوال.
والاعراض على ضربين: أحدهما له تعلق بالغير، والآخر لا تعلق له.
مخ ۷۸
فالأول كل ما يختص الجملة، فإن له تعلقا، الا الحياة فإنه لا تعلق لها، والآخر ما لا يختص الحي فإنه لا تعلق له.
وما له تعلق على ضربين: أحدهما في قبيله ما لا متعلق له على خلاف فيه، وهو الاعتقادات والظنون والإرادات والكراهات والنظر. فان الاعتقاد متى تعلق بوجود البقاء أو نفى ثان القديم، فان على مذهب بعضهم لا متعلق له [131] وقال المرتضى [(رحمه الله)] [132]: ان له متعلقا. وهو هذا النفي أو الإثبات [133] وانما لا يوصف بأنه موجود أو معدوم. والقول فيما عدا الاعتقاد مثل القول فيه والأخر لا بد له من متعلق، وهو القدرة والعجز. لو كان معنى، والشهوة والنفار.
وهذه المتعلقات باغيارها على ضربين: أحدهما يتعلق بعين [134] واحدة تفصيلا من غير تجاوز له، والآخر يتعلق بما لا يتناهى.
فالأول مثل الاعتقاد والظن والإرادة والكراهة والنظر، والآخر الشهوة [والنفار والقدرة والعجز لو كان معنى وينقسم] [135] قسمين آخرين: أحدهما يتعلق بمتعلقه على الجملة والتفصيل [والآخر لا يتعلق الا على طريق التفصيل] [136] فالأول هو الاعتقادات والإرادات والكراهات [137] والنظر والظن، والثاني القدرة والعجز والشهوة والنفار.
4- فصل في ذكر حقيقة الصفات وأقسامها وبيان أحكامها
الصفة هي قول الواصف، وهي والوصف [138] بمعنى، وهما مصدران، يقولون [139]: وصفت الشيء أصفه وصفا وصفة [140] في وزن زنة ووزن، وعدة ووعد، هذا في أصل اللغة واما [141] في عرف المتكلمين، فإنهم قد يعبرون بالصفة عن الأمر الذي يكون عليه الموصوف، وربما سموا ذلك حالا وربما امتنعوا
مخ ۷۹
منه [142] على خلاف بينهم.
والصفات على ضربين: واجبة وجائزة [143].
فالواجبة على ضربين: أحدهما يجب بلا شرط [144] على الإطلاق، والثاني يجب بشرط. فما يحب بالإطلاق، فهي صفات النفس، مثل كون الجوهر جوهرا، والسواد سوادا [والبياض بياضا] [145] وغير ذلك من الأجناس وهذه الصفات تحصل في حال العدم وحال الوجود عند من قال بالمعدوم، ومن لم يقل بالمعدوم، فإنها عنده تلزم مع الوجود.
وما يجب بشرط، على ضربين: أحدهما بشرط وجود الموصوف، [لا غير] [146] والثاني يجب عند حصول شرط [147] منفصل عنه. فالأول مثل كون الجوهر متحيزا، والسواد قابضا للبصر، والبياض ناشرا له، وتعلق ما يتعلق بالغير.
وتسمى هذه الصفات مقتضى صفة النفس عند من قال بالمعدوم. ومن لم يقل بذلك يسميها صفة النفس. ولا بد من حصول هذه الصفات مع وجوده [148].
وما يجب عند وجود شرط منفصل وكون المدرك مدركا، فإنه لا يحصل الا عند وجود المدرك وتسمى هذه الصفة لا للنفس ولا للمعنى عند من أسندها إلى كونه حيا، ومن أسندها إلى معنى جعلها من صفات العلل.
واما الجائزة فعلى ضربين: أحدهما يتعلق بالفاعل، والآخر يتعلق بالمعنى.
فما يتعلق بالفاعل على ضربين: أحدهما يتعلق بكونه [149] قادرا، وهو الحدوث لا غير، والآخر يتعلق [150] بصفات له آخر، مثل كونه عالما ومريدا وكارها، وذلك مثل كون الفعل [محكما] [151] وكونه واقعا على وجه دون وجه، وكون الكلام خبرا، أو أمرا، أو نهيا [152].
مخ ۸۰
وما يتعلق بالمعنى فقسم واحد، وهو كل صفة يتجدد على الذات في حال بقائها [153] مع جواز ان لا يتجدد أحوالها [154] على ما كانت عليه، فإنها لا يكون إلا معنوية.
والصفات على ضربين:
أحدهما يرجع الى الآحاد كما يرجع الى الجمل، والثاني لا يرجع الا الى الجمل. فما يرجع الى الآحاد مثل صفات النفس: ككون الجوهر جوهرا، والسواد سوادا فإنه يستحق هذه الصفات الآحاد كما تستحقها الجمل [155]، ومثل الوجود، فإنه يوصف به كل جزء كما يوصف به الجمل وما أشبه ذلك.
واما ما يرجع الى الجمل فعلى ضربين: أحدهما يرجع الى الجملة لشيء يرجع الى المواضعة، والآخر يرجع إليها، لأن رجوعها الى الآحاد مستحيل. فالأول مثل كون الكلام خبرا أو أمرا أو نهيا [156] فان هذه الصفات ترجع الى الجمل لشيء يرجع الى المواضعة لا انه يستحيل ذلك فيه.
والثاني ما لا يوصف به الا الحي، وذلك نحو قولنا: حي وقادر وعالم ومعتقد ومريد وكاره ومدرك وسميع وبصير وغنى وناظر وظان ومشهى ونافر.
وكل صفة من الصفات، فلا بد لها من حكم ذاتية كانت أو معنوية:
فحكم صفة النفس ان يماثل بها الموصوف ما يماثله، ويخالف ما يخالفه [157] ويضاد ما يضاده:
فالمثلان [158] ما سد أحدهما مسد صاحبه، وقام مقامه فيما يرجع الى ذاتهما. والمختلفان ما لا يسد أحدهما مسد صاحبه، ولا يقوم مقامه فيما يرجع الى ذاتهما. والضدان: ما كان كل واحد منهما بالعكس من صفة صاحبه فيما يرجع الى ذاتهما.
والتضاد على ثلاثة أضرب: تضاد على الوجود، وتضاد على المحل، وتضاد على الجملة: فالتضاد على الوجود هو تضاد الفناء والجواهر، والتضاد على المحل هو
مخ ۸۱
تضاد حركة والسكون والسواد والبياض وما شاكل ذلك. والتضاد على الجملة مثل تضاد القدرة والعجز عند من أثبته معنى، وتضاد العلم والجهل، والإرادة والكراهة والشهوة والنفار.
وحكم مقتضى صفة النفس اما التحيز [159] فحكمه صحة التنقل [160] في الجهات، واحتمال الاعراض [161]. وحكم ماله تعلق هو التعلق المخصوص الذي يحصل للاعتقاد [162]، أو الظن، أو الإرادة والكراهة.
وحكم الوجود هو ظهور مقتضى صفة النفس معه، وان شئت قلت: انه ما يفطرن التأثير به أو فيه على وجه.
وحكم الحي ان لا يستحيل ان يكون عالما قادرا.
وحكم القادر صحة الفعل منه على بعض الوجوه.
وحكم العالم، صحة احكام ما وصف بالقدرة عليه اما تحقيقا أو تقديرا.
وحكم المريد هو صحة تأثير أحد الوجهين الذين يجوز ان يقع عليهما الفعل تحقيقا أو تقديرا، وكذلك حكم كونه كارها .
فاما [163] السميع والبصير فإنهما يرجعان الى كونه حيا لا آفة به، وحكم كونه حيا [لا آفة به] [164] حكمهما، فمعناهما انه ممن يجب ان يسمع المسموعات ويبصر المبصرات إذ وجدا [165] فاما السامع والمبصر فهو المدرك.
وحكم كون المدرك مدركا، هو حكم كونه حيا، لانه كالجزء منه. وقيل ان حكمه ان الغنى والحاجة يتعاقبان عليه، لأن الغني هو الذي أدرك ما لا يحتاج اليه. وقيل ان حكمه على الواحد [166] منا ان يحصل عنده العلم بالمدرك على
مخ ۸۲
طريق التفصيل.
فاما الشام والذائق فمعناهما انه قرب [جسم] [167] المشموم والمذوق إلى حاسة [168] الشم والذوق، وليس معناهما انه [169] مدرك.
واما الغني فهو الحي الذي ليس بمحتاج، فهو راجع الى النفي.
واما حكم الشهوة فهو ان يجعل المشتهي لذة.
وحكم النفار ان يجعله ألما.
وحكم الظن ان يقوى عند الظان كون المظنون على ما ظنه مع تجويزه ان يكون على خلافه.
وحكم الناظر ان يؤثر في الاعتقاد الذي يتولد عن النظر فيجعله علما.
5- فصل في ذكر مائية العقل وجمل [170] من قضاياه وبيان معنى الأدلة وما يتبع ذلك.
[اعلم ان] [171] العقل عبارة عن مجموع علوم إذا اجتمعت سميت [172] عفلا: مثل العلم بوجوب واجبات كثيرة: مثل رد الوديعة، وشكر المنعم، والانصاف، وقبح قبائح كثيرة: مثل الظلم والكذب والعبث، وحسن كثير من المحسنات: مثل العدل [173] والإحسان والصدق، ومثل العلم بقصد المخاطبين وتعلق الفعل بالفاعل ومثل العلم بالمدركات مع ارتفاع الموانع وزوال اللبس، وغير ذلك.
وسميت هذه العلوم عقلا لأمرين:
أحدهما، ان يكون لمكانها يمتنع من القبائح العقلية، ويفعل لها واجباتها تشبيها بعقال الناقة، والثاني ان العلوم الاستدلالية لا يصح حصولها الا بعد تقدمها، فهي مرتبطة [174] بها، فسميت عقلا تشبيها أيضا بعقال الناقة.
مخ ۸۳