وكان يقال: الرجال أربعة؛ اثنان تختبر ما عندهما بالتجربة، واثنان قد كفيت تجربتهما، فأما اللذان تحتاج إلى تجربتهما؛ فإن أحدهما بر كان مع أبرار، والآخر فاجر كان مع فجار؛ فإنك لا تدري لعل البر منهما إذا خالط الفجار أن يتبدل فيصير فاجرا، ولعل الفاجر منهما إذا خالط الأبرار أن يتبدل، فيصير برا، فيتبدل البر فاجرا، والفاجر برا.
وأما اللذان قد كفيت تجربتهما، وتبين لك ضوء أمرهما؛ فإن أحدهما فاجر كان في أبرار، والآخر بر كان في فجار.
حق على العاقل أن يتخذ مرآتين، فينظر من إحداهما في مساوئ نفسه، فتتصاغر بها ويصلح ما استطاع منها، وينظر من الأخرى في محاسن الناس فيحليهم بها، ويأخذ ما استطاع منها.
احذر خصومة الأهل والولد والصديق والضعيف، واحتجج عليهم بالحجج.
لا يوقعنك بلاء تخلصت منه في آخر، لعلك ألا تخلص منه.
الورع لا يخدع، والأريب لا يخدع.
ومن ورع الرجل ألا يقول ما لا يعلم، ومن الأرب أن يتثبت فيما يعلم.
وكان يقال: عمل الرجل فيما يعلم أنه خطأ هوى، والهوى آفة العفاف، وتركه العمل بما يعلم أنه صواب تهاون، والتهاون آفة الدين.
وإقدامه على ما لا يدري أصواب هو أم خطأ جماح، والجماح آفة العقل.
وكان يقال: وقر من فوقك، ولن لمن دونك، وأحسن مواتاة أكفائك، وليكن آثر ذلك عندك مواتاة الأكفاء؛ فإن ذلك هو الذي يشهد لك أن إجلالك من فوقك ليس بخضوع منك لهم، وأن لينك لمن دونك ليس لالتماس خدمتهم.
ناپیژندل شوی مخ