223

د بلغایانو لیکنې

رسائل البلغاء

ژانرونه

وقال آخر:

وأجرأ من رأيت بظهر غيب

على عيب الرجال ذوو العيوب

وقد كان زياد بن أبي سفيان حين كثر طعن الناس عليه وعلى معاوية في استلحاقه عمل كتابا في المثالب لولده وقال: من غيركم فقرعوه بمنقصته، ومن ندد عليكم فابدهوه بمثلبته؛ فإن الشر بالشر يتقى، والحديد بالحديد يفلح.

وكان أبو عبيدة معمر بن المثنى أغرى الناس بمشاتم الناس، وألهجهم بمثالب العرب، وحاله في نسبه وأبيه الأقرب إليه حال نكره أن نذكرها فنكون كمن أمر ولم يأتمر، وزجر عن القبيح ولم يزدجر، وهي مشهورة ولكن كرهنا أن تدون في الكتب وتخلد على الدهر، ولا سيما وهو رجل يحمل عنه العلم ويحتج بقوله في القرآن، ومن أتعب قلبا وأنصب فكرا ممن أراد أن يجعل الحسنة سيئة، والمنقبة مثلبة، ويحتاج لإخراج الباطل في صورة الحق؛ فيقصد من المناقب لمثل قوس حاجب يضحك منها ويزري بها، ويذهب في ذلك إلى خساسة العود وقلة ثمنه، وهذا لو كان على مذاهب التجار والسوق في الرهون والمعاملات لرجع بالعيب على الآخذ لا على الدافع؛ لأن الدافع لا يألو أن يدفع أحقر ما يجد في أكثر ما يأخذ، والمغبون من غر بالصغير عن الكبير، وإنما رهن عن العرب بما ضمنه عنها، من كف الأذى عن مملكته حتى يحيوا وتنكشف عنهم ألسنة. ولو كان مكان القوس مائة ألف رأس من الغنم عن هذا السبب ما كان القوس إلا أحسن بالدافع والقابل؛ لأن سلاح الرجل هي عزه وشرفه، وإسلام المال أحسن من إسلام العز والشرف، وقد يدفع الرجل خاتمه وبرده أو رداءه عن الأمر العظيم فلا يسلمه خوفا من السبة وأنفة من العار.

قال أبو عبيدة: لما قتل وكيع بن أبي سود التميمي قتيبة بن مسلم الباهلي بخراسان، بلغ ذلك سليمان وهو بمكة وهو حاج، خطب الناس بمسجد عرفات، وذكر غدر بني تميم، وإسراعهم في الفتن، وتوثبهم على السلطان، وخلافهم له، فقام الفرزدق ففتح رداءه وقال: يا أمير المؤمنين، هذا رداي هنا بوفاء تميم ومقامها على طاعتك، فلما جاءت بيعة وكيع قال الفرزدق:

فدى لسيوف من تميم وفى بها

رداي وحلت عن وجوه الأهاتم

يريد الأهتم بن سمي التميمي ورهطه.

وهذا سيار بن عمرو بن جابر الفزاري ضمن لبعض الملوك ألف بعير دية أبيه، ورهنه قوسه فقبلها منه على ذلك، وساقها إليه، وفيه يقول القائل:

ناپیژندل شوی مخ