وأحقهم بالغنى أهل الجود، وأقربهم من الله أنفذهم في الحق علما وأكملهم به عملا، وأحكمهم أبعدهم من الشك في الله تعالى، وأصوبهم رجاء أوثقهم بالله، وأشدهم انتفاعا بعلمه أبعدهم من الأذى، وأرضاهم في الناس أفشاهم معروفا، وأقواهم أحسنهم معونة، وأشجعهم أشدهم على الشيطان، وأفلجهم بالحجة أغلبهم للشهوة والحرص، وآخذهم بالرأي أتركهم للهوى، وأحقهم بالمودة أشدهم لنفسه حياء، وأجودهم أصوبهم بالعطية موضعا، وأطولهم راحة أحسنهم للأمور احتمالا، وأقلهم دهشا أرحبهم ذرعا، وأوسعهم غنى أقنعهم بما أوتي، وأخفضهم عيشا أبعدهم من الإفراط، وأظهرهم جمالا أظهرهم حصافة، وآمنهم في الناس أكلهم نابا ومخلبا، وأثبتهم شهادة عليهم أنطقهم عنهم، وأعدلهم فيهم أدومهم مسالمة لهم ، وأحقهم بالنعم أشكرهم لما أوتي منها.
أفضل ما يورث الآباء الأبناء الثناء الحسن، والأدب النافع، والإخوان الصالحين.
فصل: فضل ما بين الدين والرأي: أن الدين يسلم بالإيمان، وأن الرأي يثبت بالخصومة، فمن جعل الدين خصومة، فقد جعل الدين رأيا، ومن جعل الدين رأيا، فقد صار شارعا، ومن كان هو يشرع لنفسه الدين فلا دين له.
قد يشتبه الدين والرأي في أماكن، لولا تشابههما لم يحتاجا إلى الفصل.
العجب آفة العقل، واللجاجة قعود الهوى، والبخل لقاح الحرص، والمراء فساد اللسان، والحمية سبب الجهل، والأنف توأم السفه، والمنافسة أخت العداوة.
إذا هممت بالخير فبادر هواك لا يغلبك، وإذا هممت بشر فسوف هواك لعلك تظفر؛ فإن ما مضى من الأيام والساعات على ذلك، هو الغنم.
لا يمنعنك صغر شأن امرئ من اجتباء ما رأيت من رأيه صوابا، واصطفاء ما رأيت من أخلاقه كريما؛ فإن اللؤلؤة الفائقة لا تهان لهوان غائصها الذي استخرجها.
من أبواب الترفق والتوفيق في التعليم أن يكون وجه الرجل الذي يتوجه فيه من العلم والأدب فيما يوافق طاعة، ويكون له عنده محمل وقبول، فلا يذهب عناؤه في غير غناء ولا تفنى أيامه في غير درك، ولا يستفرغ نصيبه فيما لا ينجع فيه، ولا يكون كرجل أراد أن يعمر أرضا تهمة، فغرسها جوزا ولوزا، وأرضا جلسا فغرسها نخلا وموزا.
العلم زين لصاحبه في الرخاء، ومنجاة له في الشدة.
بالأدب تعمر القلوب، وبالعلم تستحكم الأحلام، فالعقل الزاكي غير الصنيع، كالأرض الطيبة الخراب.
ناپیژندل شوی مخ