202

د بلغایانو لیکنې

رسائل البلغاء

ژانرونه

إن ذاك القديم كان جديدا

وسيغدو هذا الجديد قديما

فلا يرعك أن تجري على منهاج الحق في جميع الخلق؛ فبه قامت السماوات والأرض، وبه أحكم الإبرام والنقض، وسأمثل لك في ذلك مثالا، وأملأ أسماعك مقالا، وفهمك عدلا واعتدالا.

هذا امرؤ القيس أقدم الشعراء عصرا، ومقدمهم شعرا وذكرا، وقد اتسعت الأقوال في فضله اتساعا لم يفز غيره بمثله، حتى إن العامة تظن - بل توقن - أن جواد شعره لا يكبو، وحسام نظمه لا ينبو، وهيهات من البشر الكمال، ومن الآدميين الاستواء والاستدلال، يقول في قصيدته المقدمة، ومعلقته المفخمة.

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة

فقالت لك الويلات إنك مرجلي

فما كان أغناه عن الإقرار بهذا! وما أشك غفلته عما أدركه من الوصمة به؛ وذلك أن فيه أعدادا كثيرة النقض والبخس منها: دخوله متطفلا على من كره دخوله عليه، ومنها: قول عنيزة له: لك الويلات! وهي قولة لا تقال إلا لخسيس، ولا يقابل بها رئيس؛ فإن احتج محتج بأنها كانت أرأس منه، قيل له: لم يكن ذلك لأن الرئيسة لا تركب بعيرا يدرج أو يموت إذا ازداد عليه ركوب راكب بل هو بعير فقير حقير؛ فإن احتج له بأنه صبر على القول من أجل أنها معشوقة، قيل له: وكيف يكون عاشقا لها من يقول لها:

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعا

فألهيتها عن ذي تمائم محول

وإنما المعروف للعاشق الانفراد بمعشوقته وإطراح سواها، كالقيسين في ليلى ولبنى، وغيلان بمية، وجميل ببثينة، وسواهم كثير، فلم يكن لها عاشقا بل كان فاسقا، ثم أهجن هجنة عليه، وأسخن سخنة لعينيه، إقراره بإتيان الحبلى والمرضع! فأما الحبلى فقد جبل الله النفوس على الزهد في إتيانها، والإعراض عن شأنها، منها أن الحبل علة وأشبه العلل بالاستسقاء، ومع الحبل كمود اللون، وسوء الغذا، وفساد النكهة، وسوء الخلق وغير ذلك، ولا يميل إلى هذا من له نفس سوقي، دع نفس ملوكي، وأعجب من هذا أن البهائم كلها لا تنظر إلى ذوات الحمل من أجناسها، ولا تقرب منها حتى تضع أحمالها، أو تفارق فصلانها، ثم لم يكفه أن يذكر الحبلى حتى افتخر بالمرضع، وفيها من التلويث بأوضار رضيعها، ومن اهتزالها واشتغالها عن إحكام اغتسالها، وقد أخبر أن ذا التمائم المحول متعلق بها بقوله:

ناپیژندل شوی مخ