Rasa'il al-Shahid al-Thani
رسائل الشهيد الثاني
الهمة ويصفوا القلب وينحصر بالنظر إلى الأمور الخارجية واما الأسباب الباطنة فإنها أشد فان من تشعبت به الأمور في أودية الدنيا لم يحضر فكره في فن واحد بل لا يزال يطير من جانب إلى جانب وغض البصر لا يعينه فان ما وقع في القلب كاف في الشغل فهذا طريقه ان يرد النفس قهرا إلى فهم ما يقرأه في الصلاة ويشغلها به عن غيره ويعينه على ذلك أن يستعد قبل التحريم بان يجدد على نفسه ذكر الآخرة وموقف المناجاة و حظر القيام بين يدي الله تعالى وهول المطلع ويفزع قلبه قبل التحريم بالصلاة عما يهمه فلا يترك لنفسه شغلا يلتفت إليه خاطره فهذا طريق تسكين الأفكار فإن كان لا يسكن هايج أفكاره بهذا الدواء المسكن فلا ينجيه الذي يقمع مادة الداء من أعماق العروق وهو ان ينظر في الأمور الشاغلة الصارفة له عن احضار القلب ولا شك انها تعود إلى مهماته وانها انما صارت مهما بشهواته فيعاقب بنفسه بالنزوع عن تلك الشهوات وقطع تلك العلايق وكل ما يشغله عن صلاته فهو ضد دينه وجند إبليس عدوه فامساكه أضر عليه من اخراجه فيتخلص عنه باخراجه وقد روى أن بعضهم صلى في حايط له فيه شجر فأعجبه ريش طاير في الشجر يلتمس مخرجا فاتبعه نظره ساعة لم يذكر كم صلى فجعل حايطه صدقة ندما ورجاء للعوض عما فاته وهكذا كانوا يفعلون قطعا لمادة الفكر و كفارة لما جرى من نقصان الصلاة وكان بعضهم إذا فاتته صلاة في جماعة أحيى تلك الليلة واخر صلاة المغرب حتى طلع كوكبان فأعتق رقبتين وفات الأخر ركعتا الفجر فأعتق رقبة كل ذلك مجاهدة للنفس ومناقشة لها في الغفلة عما فيه حظها فهذا هو الدواء القامع لمادة العلة ولا يغنى غيره فان ما ذكرناه من التلطف بالتسكين والرد إلى فهم الذكر ينفع في الشهوات الضعيفة والهمم التي لا تشغل الا حواشي القلب فاما الشهوة القوية المرهقة فلا ينفع منها التسكين بل لا تزال تجازيها وتجاز
مخ ۱۱۱