وكان هاشم يسمى عمرا، وإنما قيل له هاشم لهشمه الثريد «١»، وهو أول من أطعم الثريد بمكة، وكان أمية بن عبد شمس ذا مال فتكلف أن يفعل كما فعل هاشم من إطعام قريش، فعجز عن ذلك فشمت به ناس من قريش وعابوه لتقصيره، فغضب ونافر «٢» هاشما على خمسين ناقة سود الحدق وتنحر بمكة وعلى جلاء عشر سنين وجعلا بينهما الكاهن الخزاعى عبد عمرو بن الحمق وكان منزله عسفان، وخرج من أمية أبو هممة حبيب بن عامر بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر بن مالك الفهرى فقال: الكاهن والقمر الباهر والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر، وما اهتدى بعلم مسافر من منجد وغابر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر أول منه وآخر وأبو هممة بذلك خابر، فأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعم لحمها من حضر وخرج أمية إلى الشام فأقام به عشر سنين، فكان هذا أول عداوة وقعت في بنى هاشم وبنى أمية، ولم يكن أمية في نفسه هناك وإنما رفعه أبوه وبنوه وكان مصفوفا، وكان صاحب عمار، يدل على ذلك قول ثقيل بن عبد العزّى جد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين تنافر إليه حرب بن أمية وعبد المطلب بن هاشم، فنفر عبد المطلب وتعجب من إقدامه عليه وقال:
أبوك معاهر وأبو غف ... وذاد الفيل عن بلد حرام
وذلك أن أمية كان يعرض لامرأة من بنى زهرة فضربه رجل منهم ضربة بالسيف، وأراد بنو أميّة ومن تابعهم إخراج زهرة من مكة، فقام دونهم قيس بن عدى السهمى، وكانوا أخواله، وكان منيع الجانب شديد العارض «٣»، حمّى الأنف، أبى النفس فقام دونهم وصاح: أصبح ليل، فذهبت مثلا، ونادى: ألا أن الظاعن «٤» مقيم، ففى هذه القصة يقول وهب بن عبد مناف بن زهرة:
مهلا أمية إن البغى مملكة ... لا يكسبنك يوما سدّه ذكره
يتدركوا إليه والشمس طالعة ... يصب في الكأس منه.... «٥»
1 / 26