عدله أن لا يقبلها ممن لم يكن لها أهلا ويتولاها بغير استحقاق «١» وكان رجلهم هشام «٢» . وقد صدق أبو جعفر وكان يقال لهشام: الأحول السرّاق؛ لأنه ما زال يدخل عطاء الجند شهرا في شهر حتى أخذ لنفسه مقدار أرزاق سنة، فلذلك قالوا الأحول السراق، وقال خاله إبراهيم بن هشام المخزومى: ما رأيت من هشام خطأ قط إلا مرتين فإن الحادى «٣» حدا به مرة فقال:
إن عليك أيها البختى «٤» ... أكرم من تمشى به المطى
فقال: صدق قولك، وقال مرة وأيدّه لأشكون سليمان بن عبد الملك يوم القيامة إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، وهذا ضعف شديد وجهل عظيم، وكان هشام يقول: والله إنى لأستحيى من الله أن أعطى رجلا أكثر من أربعة آلاف درهم. وقدم هشام ابنه سعيد على حمص فرمى بالنسب، فكتب أبو الجعد الطائى إلى هشام مع يحيى وأعطاه فرسا على أن يبلغ الكتاب وفيه:
أبلغ لديك أمير المؤمنين فقد ... أمددتنا بأمير ليس عتيدا
طورا يخالف عمرا في خليلته ... وعند رابحة يبغى الأمر والدينا
فعزله وقال: يابن الخبيثة تزنى وأنت ابن أمير المؤمنين، أعجزت أن تفجر فجور قريش قبل هذا، وأظنه قال: لا يلى لى عملا أبدا. وحسبك من عبد الملك بن مروان قيامه على منبر الخلافة وهو يقول: «ما أنا بالخليفة المستضعف ولا بالخليفة المداهن «٥» ولا بالخليفة المأفون «٦»» «٧»، وهؤلاء هم سلقته وأئمته وبشفعتهم
1 / 23