د ابن حزم ليکنې
رسائل ابن حزم الأندلسي
پوهندوی
إحسان عباس
خپرندوی
المؤسسة العربية للدراسات والنشر
به، وإن كانت الثالثة - وهي السلامة مما يلقى بالجملة - فليقنع بما وجد، وليأخذ من الأمر ما استدف (١) ولا يطلب شرطًا ولا يقترح عقدًا (٢)، وإنما له ما سنح بجده أو ما حان بكده.
واعلم أنه لا يستبين قبح الفعل لأهله، ولذلك يتضاعف قبحه عند من ليس من ذويه، ولا أقول قولى هذا ممتدحًا ولكن آخذًا بأدب الله ﷿ ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾ (الضحى: ١١): لقد منحني الله ﷿ من الوفاء لكل من يمت إلى بلقية واحدة، ووهبني من المحافظة لمن يتذمم مني ولو بمحادثته ساعة حظًا أنا له شاكر وحامد، ومنه مستمد ومستزيد، وما شيء أثقل علي من الغدر؛ ولعمري ما سمحت نفسي قط في الفكرة في إضرار من بيني وبينه أقل ذمام، وإن عظمت جريريته وكثرت إلي ذنوبه، ولقد دهمني من هذا غير قليل فما جزيت على السوءى إلا بالحسنى، والحمد لله على ذلك كثيرًا. وبالوفاء أفتخر في كلمة طويلة ذكرت فيها ما مضنا من النكبات، ودهمنا من الحل والترحال والتجول في الآفاق، أولها (٣): [من البسيط] .
ولي فولى جميل الصبر يتبعه ... وصرح الدمع ما تخفيه أضلعه
جسم ملول وقلب آلف فإذا ... حل الفراق عليه فهو موجعه
لم يستقر به دار ولا وطن ... ولا تدفأ منه قط مضجعه
(١) دف الأمر واستدف: تهيأ وامكن، ومثله: استطف، يقال خذ ما استدف لك أو خذ ما طف لك وأطف واستطف أي ما دنا وأمكن. (٢) بتروف: حقدًا؛ وصوبت في بعض الطبعات: حقًا؛ وما هنا أقرب إلى رسم الكلمة في الأصل. يبدو أن ابن حزم كان معجبًا (٣) يبدو أن ابن حزم كان معجبًا بقصيدة ابن زريق البغدادي، فهو يعارضها هنا، كما عارضها بقصيدة أخرى أثبتها في كتابي: تاريخ الأدب الأندلسي - عصر سيادة قرطبة (ط. ثانية): ٣٨٥ - ٣٨٧.
1 / 210