============================================================
فأما الموطن الذي ينبغي له أن يعرف فيه أمتزايد هو أم منتقص فعليه آن يطلب مواضع الخلوة كي لا يعارضه شاغل فيفسد ما يريد إصلاحه، ثم يتوجه إلى موافقة ما لزم من تأدية الفرض الذي لا يزكو حال قربه إلا باتمام الواجب من الفرائض، ثم ينتصب انتصاب عبد بين يدى ربه پريد آن يؤدى إليه ما أمر بتأديته فحينثذ ينكشف له من خفايا النفوس الموارية فيعلم أهو ممن أدى ما وجب عليه أم لم يؤد، ثم لا يبرح من مقامه ذلك حتى يوقع له العلم ببرهان ما استكشفه بالعلم، فإن رأى خللا أقام على إصلاحه ولم يتجاوزه إلى عمل سواه. وهذه احوال أهل الصدق في هذا المحل، والله يؤيد بنصره من يشاء، إن الله لقوي عزيز.
وأما الموطن الذي يخلو فيه بتأديب نفسه ويتقصى فيه حال معرفتها فانه ينبغي من عزم على ذلك وأراد المناصحة في المعاملة فإن النفوس ربما خبت منها أشياء لا يقف على حد ذلك إلا من تصفح ما هنالك في حين حركة الهوى في محبة فعل الخير المألوف، فان النفوس إذا ألفت فعل الخير صار لها خلقا من أخلاقها، وسكنت إلى آنه موضع لما أهلت له وارتدت به، وترى أن الذي جرى عليها من فعل ذلك الخير فيها هي له أهل، ويرصدها العدو المقيم بفنائها المجعول له السبيل على مجارى الدم فيها، فيرى بقوة كيده خفية غفلتها، فيختل منها بممايلة الهوى ما لا يمكنه الوصول إلى اختلاسه في غير تلك الحال، ألم تألم لو عرف طعنته أسرع إلى الانابة إلى من لا تقع الكفاية منه إلا به، واستصقى منه علم الحال التي منها وصل عدوه إليه فحرسها بلياذة اللجأ وإلقاء الكنف وشدة الافتقار وطلب الاعتصام كما قال الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن عليهم السلام: وإلا تضرف عنى كيدهن أضب إلتون واكن من الجهلين) [يوسف : 33) وعلم يوسف عليه السلام ان كيد الأعداء مع قوة الهوى لا ينصرف بتقوى: فآستجاب له ربه. فصرف عنه كيدهن إنهر هوالشيع العليه) ايوسف: 34].
وأما الموطن الذي يستحضر عقله لرؤية مجارى الأحكام وكيف يقلبه التدبير، وهو أعز الأماكن وأعلى المواطن، فان الله تبارك وتعالى أمر جميع خلقه
مخ ۱۲۰