============================================================
لو كنت من أهل الوداد حقيقة لغبت عن الدنيا ونمت عن الكل الحسن وكنت بلا حال مع الله واقفا تصان عن التذكار للجن والأنس وحكي أن ذا النون راى رجلا يبكي في سجوده وهو يقول: اللهم ارزقني رزقا حلالا واسعا وزوجني من حور العين في الجنة، فقال له ذو النون : يسا مسكين في الدارين تبكي، تبكي في الدنيا للخبز وفى الآخرة تبكي على الحور العين ، فمتى تتفرغ لمولاك.
اال وروي في بعض الأخبار أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء أن قل لقومك: إن أعطيتكم الدنيا اشتغلتم بامساكها وإن منعتها عنكم اشتغلتم بطلبها فالى متى هذا؛ متى تتفرغون لي !.
قيل: سمع بعض العارفين قائلا يقول: الهي في الدنيا الغموم والهموم وفي الآخرة الحساب والعذاب، فمتى الراحة؟ فقال له العارف: يا هذا ما بلغك قبول البي لا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.
وحكي أن الخواص قال مررت بشاب في البادية جالس تحت شجرة أم غيلان وهو يقول: لبيك من الدارين إليك، لبيك تلبية منقطع إليك عمن سواك لبيك، فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم رمى ببصره نحو السماء، فقال: سبحان من آتس ما دونه عن قلوب أصفيائه وأحبابه فنظروا بقولهم إليه بلا كيف! والله للمحبين ما أملوا، فقلت: رحمك الله كيف الطريق إليه؟ فقال: بترك الخلائق وقطع العلائق. قال : معي شيء من الدنانير فوضعتها بين يديه وقلت له: أنفقها على أمرك، قال: مربارك الله فيك إن الذي قصدنا إليه أجود منك، ثم قام ومضى مسرعا. وقال: إلهي أكثر خلقك مشغولون عنك وانت عوض من كل فائت، ثم غاب عن بصري فلم أره بعد ذلك: وروي في بعض الأخبار أن الله سبحانه وتعالى قال لموسى عليه السلام : يا موسى إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما فانك تصل بذلك إلى قربى ومصاحبتي.
فقال له موسى عليه السلام: إلهي دلتي على واحد منهم. فقال : اذهب إلى خرابة كذا فإن فيها مبتلى، فأتى موسى الخرابة، فإذا برجل مقعد أعمى أصم وهو يقول: الحمد لله رب العالمين كماهو أهله، فقال موسى: منذكم أنت ها هنا؟ قال: منذ كذا وكذا سنة كنت مواظب مؤانسته ومواصلته فأمتحنني بامتحان لا تقوم له الجبال ولا
مخ ۸۳