رحمان او شیطان
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
ژانرونه
16
هذا وتتعاون نصوص الوصايا على رسم صورة للشيطان بلعار ولطريقة عمله، فهو يعمي بصيرة الإنسان ويعتم على ذكائه وحسن تمييزه. نقرأ في وصية شمعون: «في أيام صباي كنت غيورا من أخي يوسف لأن أبي أحبه أكثر منا جميعا، فعزمت في سري على إهلاكه، لأن أمير الخطيئة «بلعار» أعمى بصيرتي فلم أعد أرى فيه أخا ولم أصفح لأبي «تفضيله له»، ولكن إله آبائنا بعث رسوله فأنقذه من يدي، لقد قيد الرب يدي ورجلي وحال بيني وبين إتيان ذلك العمل، ولمدة سبعة أيام بقيت يدي اليمنى مشلولة تقريبا، ولقد عرفت أن ما حصل لي كان بسبب يوسف، لهذا فقد ندمت واستغفرت وتبت باكيا. لقد كان يوسف وسيما طلق المحيا لأن قلبه لم ينطو على أي شر، فالوجه مرآة اضطراب النفس، لذلك يا أولادي اجعلوا قلوبكم فاضلة أمام الرب، وطرقكم مستقيمة أمام الناس، وستلقون على الدوام نعمة في عين الرب والناس. احفظوا أنفسكم من الفسق الجنسي لأنه أم الرذائل، وهو الذي يبعد عن الله ويقود إلى بلعار ...»
وبلعار يستخدم عاطفة الغضب عند الإنسان ليدفعه إلى العنف والظلم. نقرأ وصية دان: «الغضب سيئ يا أولادي، يعكر الروح ويتملك جسد الغضوب، فينقل إليه قوته الخاصة ليجعله يرتكب كل أنواع الظلم، والإنسان الذي يغضب، حتى ولو كان ضعيفا، يكتسب أضعاف قوته العادية، لأن الغضب يعينه دائما على الظلم، الغضب سيئ يا أولادي، لأنه يغدو القوة المحركة للنفس، وهذه القوة تستولي على النفس وتمد الجسد بقدرات خاصة فيغدو قادرا على إتيان أحط الأعمال. إن روح الغضب تمشي دائما مع روح الكذب إلى يمين الشيطان، لكي يتم أعماله بالوحشية والخداع. فاحفظوا وصايا الرب يا أبنائي. تفادوا الغضب واكرهوا الكذب، ليسكن الرب بينكم، وليهرب بلعار بعيدا عنكم.»
والجشع والكلام الباطل إرادته. نقرأ في وصية نفتالي: «لا تعجلوا بإفساد أعمالكم بالجشع، ولا تضللوا نفوسكم بالكلام الباطل، لأن من يلتزم الصمت في نقاوة الفؤاد يحفظ مشيئة الله وينبذ مشيئة بلعار.» وفاعلو الشر هم أداة الشيطان بهم ينفذ مآربه. نقرأ في وصية نفتالي أيضا: «فإذا سعيتم في الخير يا أولادي يبارككم الناس والملائكة ويهرب الشيطان عنكم. ومن يسع في الشر يلعنه الناس والملائكة، ويتملكه الشيطان فيجعله أداة له.» وبلعار سيد عالم الظلمات: «فإن الرب سيكون في النور معكم وبلعار سيكون في الظلام» وصية لاوي. وأيضا: «إن الأمر بيدكم أنتم لاختيار النور أو الظلمات، شريعة الرب أو أعمال بلعار» وصية يوسف.
ويقدم يساكر في وصيته الوصفة الأخلاقية التي لا تترك لبلعار سلطة على الأبرار: «لقد بلغت من العمر مائة واثنين وعشرين سنة ولم أقترف خطيئة، لم أعرف امرأة غير زوجتي ولم أفسق بنظرة شبقة، لم أشرب الخمر حتى الثمالة، لم أطمع بممتلكات جاري، لم يكن ثمة غش في قلبي، لم يجر الكذب على لساني، بكيت وتألمت مع كل إنسان مقهور، شاركت الفقراء خبزي، ولم آكل وحدي، كنت ورعا ومستقيما كل حياتي، أحببت الرب بكل قوتي، وأحببت كل إنسان كحبي لأولادي. فافعلوا هذا يا أولادي وسيهرب كل روح لبلعار بعيدا عنكم، ولن يكون لشر مخلوق سلطان عليكم.»
أما عن الوعود الآخروية وخاتمة الأزمنة وظهور المخلص، وهي الموضوعات التي تفيض بها وصايا الأسباط، فإن الوصايا تستخدم عددا من الأفكار والصور المتكررة مع تنويعات خاصة بكل وصية. ويلفت نظرنا بشكل خاص توكيد مؤلف (أو مؤلفي) الوصايا على مساواة الأمم والشعوب أمام الرب في يوم الدينونة، وتجاوزه لشوفينية الخطاب التوراتي. نقرأ في وصية شمعون: «عندها ستهدأ الأرض كلها من اضطرابها، ويرتاح كل من تحت السماء من الحروب، عندها سيمجد سام، لأن الرب الإله، عظيم إسرائيل، سيظهر على الأرض في شكل إنسان، وينقذ بنفسه آدم، عندها سيتم تسليم أرواح الضلال جميعها لكي تداس بالأقدام، ويسود البشر على الأرواح الشريرة، عندها سأبعث في سعادة وأبارك العلي لأجل عجائبه، لأن الرب اكتسى جسدا وتناول طعاما مع الناس وخلص البشر.»
17
ونقرأ في الوصية نفسها عن مسيحين لا مسيح واحد، الأول مسيح سياسي يأتي من نسل يهوذا ، والثاني مسيح روحي يأتي من نسل لاوي: «والآن يا أبنائي، أطيعوا لاوي ويهوذا ولا تعلوا أنفسكم فوق هاتين القبيلتين، لأن الرب سيبعث من لاوي كاهنا أعظم ومن يهوذا ملكا، هو إله وإنسان، وهو الذي سيخلص الأمم ويخلص شعب إسرائيل.»
وفي وصية لاوي نقرأ عن المسيح الذي سيأتي من نسل لاوي، وذلك في خطاب الرب إليه في الرؤيا: «... ثم غلبني النوم، فرأيت جبلا عاليا ورأيت نفسي على ذروته، والسماوات انفتحت وملاك من عند الرب تكلم معي وقال: لاوي، ادخل. فعرجت إلى السماء الأولى حيث رأيت مياه الأعالي معلقة، ثم عرجت إلى السماء الثانية فرأيتها أشد لمعانا وأكثر بريقا ولم يكن لارتفاعها من نهاية. فقلت للملاك: لماذا هي على هذه الحال؟ فقال لي: لا تعجب لما رأيت، لأنك سترى سماوات بعدها أشد منها لمعانا وأكثر بريقا، وعندما ترتقي إلى هناك فإنك ستقف قريبا من الرب، وتكون كاهنا له، وستنبئ بأسراره البشر، ستعلن لهم عن الذي يوشك على تحرير إسرائيل. فمن خلالك وخلال يهوذا سيتراءى الرب للبشر، ويخلص بنفسه كل أعراق البشر.» وأيضا: «نجمه سيسطع في السماء مثل ملك، فيشعل نار المعرفة مثلما تضيء الشمس النهار، ويمجده العالم أجمع، سيشع مثل الشمس على الأرض، وسيمحو الظلمات كلها تحت السماء، فيحل السلام على الأرض، وتتهلل السماء في أيامه وتبتهج الأرض، سيفتح بوابات الفردوس، ويزيل السيف الذي يحرسه منذ خروج آدم. سيعطي الأبرار ليأكلوا من شجرة الحياة، ويحل عليهم روح القداسة، سيقيد بلعار بالأغلال ويعطي لأبنائه السلطة على وطء الأرواح الشريرة بأقدامهم، وسيفرح الرب بأبنائه إلى الأبد. والآن يا أبنائي، بعد أن سمعتم كل ما قلت، لكم أن تختاروا بين النور أو الظلمة، بين شريعة الرب أو أعمال بلعار.»
وفي وصية يهوذا نقرأ تعليما عن ثنوية الخير والشر في النفس الإنسانية مشابها لما قرأناه في وصية أشير: «فافهموا يا أبنائي أن هنالك روحين مسخرين للبشر، روح الحق وروح الضلال، وبينهما الوعي الصاحي الذي يميل وفق إرادته إلى هذا أو إلى ذاك. إن أعمال الحق وأعمال الضلال مسجلة في ضمير الإنسان والرب يعلم بها، ما من لحظة تخفى فيها أعمال الإنسان لأنها مكتوبة على القلب ومكشوفة أمام الرب، كما أن روح الحق يشهد على كل شيء، ويوجه الاتهامات بحق المخطئ الذي ينهشه ضميره فلا يجرؤ على رفع بصره إلى قاضيه.»
ناپیژندل شوی مخ